رواية ولي الله المشهد الثاني

2 دقائق للقراءة

#هدية_لأحبابنا

#رواية_ولي_الله

#المشهد الثاني

(مشهد يؤسس للرواية ككل، حدث قبل المشهد الأول بمدة يتم اكتشافها في الرواية)

 

جزيرة نائية، لا تصل إليها إلا السفن المحطمة، صخورها ناتئة، ورياحها مفزعة، وحولها دوامات مائية، وتهب فيها الأعاصير بكثافة، والعواصف تحب أن تمرح بين البحر واليابسة.

أما أشجارها فهي غريبة، طولا وحجما.

والغابة مسكونة بالأشباح، فيها نمور وأسود ونسور وطيور لا توجد في غيرها، تمزج بين الجمال والغرابة، الشراسة والوداعة.

يتوسط الجزيرة جبل، كأنما سقط من السماء وانغرز في الأرض ليكون لها وتدا.

سفحه أجرد، وقمته عالية، وفيه أشجار تترامى ومغاور تتخذها الأفاعي مخابئ.

القمة تبدو كأنها تلاحق الغيم، وتناطحه، ولطالما احتضنها السحاب وهو يمر من الجزيرة قاصدا أعماق المحيط.

ولم يكن على تلك الجزيرة إلا مردة الجن الذين تم نفيهم منذ زمن النبي الملك.

وحتى الشيطان لا يطمع في الوصول إليها لأنه لن يجد من يوسوس له هناك.

ولكن رجلا واحدا غيّر كل شيء.

لم يكن المردة يعلمون كيف وصل، ولا كبير الشياطين.

فجأة ظهر، فوق القمة، كأنما نزل من السماء، أو قفز من سحابة عابرة.

أشع نور كبير ليلتها، وعصفت الريح حتى اقتلعت بعض الأشجار، وأخذت كل حيوانات وطيور الجزيرة في الدوران دون توقف، كأنها تحاكي دوران أجدادها قبل الطوفان.

حتى السحب بدأت تلف، ونزل نور أخضر، ثم أبيض، ثم أزرق، ثم أصفر، ثم أحمر، ثم أسود، ثم تفاعلت الألوان فيما بينها وظهر منها الوردي والبنفسجي والزهري والغامق والفاقع…ملايين الألوان المشعة كمجرة من الكواكب الدرية، وبدا وكأن القمر اقترب، وهاج البحر وصعدت الأمواج كأنما تريد إغراق الجزيرة كلها، كانت تحيط بها من كل جانب، موج كأنه الجبال، حتى التحم بقمة الجبل والسحب، مشهد أرعب أعتى المردة وهو يجر سلاسله النحاسية، ويشاهد من كوة في سجنه البعدي.

كبير الشياطين الذي كان ينظر من بلورته أغشي عليه، ورأى في منامه يدا تخنقه، يد مخلوق جبار له قرنان، ثم رأى يدا أخرى تنقذه، يد رجل أخضر وضاء، ثم تفتح له بوابة وترميه فيها، ليهوي في قيعان العالم الأسفل.

حين صحا أدرك الأمر ودعا كل شياطينه وأبالسته ودهقاناته: لقد نزل الأرض مجددا، وسيولد أولياء جدد، إنها دورة الوقت.

استعدوا للحرب، سيحترق الكثير منكم، ولكن لا بد أن نعمل على القلوب مجددا، وستساعدنا الأنفس القابعة في الأجساد، تلك الثعابين السوداء التي لا تأمر بخير.

ليلتها حل في الجزيرة الرجل الذي تسميه كائنات النور والنار: “ولي الله”.

 

#روايات_خضرية

#المنارة_تميز_وجدارة

منشورات ذات صلة

تلك الليلة المشهد الأخير رواية الغريب
ليلة طال انتظارها. حدث عنها المحبوب، ثم وصيه، فريحانتاه، في مشاهد الفرح به، ومشاهد ألمهم ووجعهم. وكانوا حين ابتلوا بمن نافق ومن جاهر بالعداء،...
11 دقائق للقراءة
تفاحة وزيتونة من رواية الغريب
حين كان تايبنغ في جبل الخلود واستلم الأمانة وأعطى التفاحة لابنه يوجين والزيتونة لابنه يوشين، استأمن كل واحد منهما على ما أعطاه. وقبل أن...
8 دقائق للقراءة
قصة الماء
ما يميّز العقل البشري أنه سجين في قوالب المادة وقانونها. وكلما ظهر له ما يتجاوز ذلك خشي وأصابه الهلع، ولم يحتمل، ففر إلى أحكام...
5 دقائق للقراءة
ليلة أخرى من الوجع من رواية الغريب
ليلة أخرى من الوجع. هكذا كان يكتب الغريب بين الفينة والأخرى. والحقيقة أن ليالي الوجع كانت كثيرة، منذ الطفولة البكر. إن وجود ذلك النسيج...
7 دقائق للقراءة
نهاية المهلة من رواية الغريب
هدوء وسكون في ظلمة مطبقة، بيضة من مادة سوداء تشع طاقة ظلام خالص. ثم كان الانبجاس لبذرة تحمل الوجود وقواه فيها، أشد منه كثافة...
6 دقائق للقراءة
مع رجال الوقت من رواية الغريب
منذ صباه، كان الغريب مولعا برجال الوقت، محبا لهم، وقد ألقى الله في قلبه ذلك الحب، وزرعه في كيانه زرعا. ولم يكن ينسى يوما...
11 دقائق للقراءة
النمر وآخر التنانين من رواية الغريب
كان الغريب يحب النمر كثيرا، قبل أن يعرف أن قرينه نمر، وأنه من مقاماته مقام النمر، وقبل أن يتقن فن النمر القتالي الرهيب، وقبل...
7 دقائق للقراءة
غربة من رواية الغريب
الغريب الغريب الغريب. سئمنا هذا الإسم. قال أحدهم وهو ينفث دخان سيجاته كأفعى سوداء. لماذا يتكلم الناس في كل مكان عنه، من هو وماذا...
5 دقائق للقراءة
شارة التنين من رواية الغريب
عندما كان زعماء تلك المنظمة السرية يقرؤون خبر الغريب، كانوا يضحكون من سيرته، ويتهمون الراوي فيما يرويه، بل إن بعضهم قال أن حصولهم على...
6 دقائق للقراءة
الأمة المعدودة من رواية الغريب
جلس تايبنغ وأغمض عينيه وأخذ يردد تراتيل جبل الخلود، ثم فتح عينيه وقد انتقل ببدنه إلى الجبل، ووقف تحت الشجرة، تاركا جسمه في الكهف...
7 دقائق للقراءة