رواية المعلم والتنين المشهد الثالث عشر: شينوبي

3 دقائق للقراءة

في قرية مخفية من قرى المرج الأصفر التي ينادى فيها البان، في منتصف القرن السابع عشر من تقويم الحضارة الأخيرة، جلس المعلم مع تلاميذه.

نظر إليه أمهرهم وأحبهم بلهفة وسأله:

ما الفرق بين الفنون الدفاعية والقتالية يا معلمي؟

الدفاعية دفاع عن النفس، والقتالية للحرب.

وماذا تسمى فنوننا نحن؟

فنون الظلام، لكن نحن نخدم بها النور، من أثر المعلمين القدامى.

كيف يخدم الظلام النور؟

لأن الظلام يفهم الظلام، فيغلبه، ولكن شرط أن يكون الظلام تقمصا فقط، مجرد قشرة للتقمص، أما الحقيقة والجوهر فهي للنور بلا ريب.

أما إن أردت أن نخفف الكلمة، فأقول لك نحن نمثل فنون الظل، وهي فرع من فنون الطيف، وكل ذلك فرع من فن قديم جدا كان يتقنه معلم واحد اسمه فودجا، النمر التنين، صاحب القناع والتخفي والمهمات السرية والدقيقة، إنه جد مقاتلي الننجا، ولم يكن أحد أقوى منه إلا المعلم الكبير تايبنغ، والمعلم التنين لونغ الأكبر، وربما بلغ الامبراطور كي تونغ قوة شبيهة بقوته.

ومن أين أتت فنون الدفاع يا معلم؟

من عالم الروح، بث من إله الشينوبي، القوي الذي زرع تلك القوة في أسياد الحرب العلويين، وهم أودعوها في التنانين، وتم دمجها مع أرواح الكائنات كلها، النورانية والنارية والمادية وكائنات الماء، وفي كل أمم الحيوان على مراتب، ولدى السفليين على نماذج، وفي الحيوانات النبيلة، النمر والنسر والكوبرا والفهد واللقلق وغيرها كممثل لمقامات تلك الأشكال التي تتشكل بها الأرواح العليا.

فهي على مقامات التنانين وعلى نوعيات الطاقات وعلى تفعيلات وتسارعات ونمذجات حركية تجعلها على ما هي عليه وعلى ما ستكون.

وما كان في البداية أقوى وما يكون في النهاية أعقد.

وكيف بلغتنا نحن البشر يا سيدي؟

هي في البشري الأول جزء من روحه وخلقه ونسيج حركة طينته وإمكانات جسمه وعقله وما فوق ذلك.

ثم كان النسيان، وتناقصت القوى، وحُجبت العلوم والختمات والقدرات، ونسي البشر عالم التنانين.

حتى ظهر المعلم الكبير تايبنغ، بعد الطوفان بأجيال قليلة، وتلقاها من التنين الأبيض، وبلغ السلام الداخلي التام الذي أهله لاسمه الذي يعني ذلك.

فعلمها لسبعة تلاميذ سماهم البشر بعدهم بالتنانين السبعة، والحقيقة أن كل واحد منهم تشكل كمعلمه تنينا، وكان له تنين يقارنه من العالم الموازي لهذا العالم.

فانقسم الفن الأكبر الأول إلى فنون سبعة كبرى.

ثم إن كل تلميذ علم لتلاميذه وقسم بينهم، فولد سبعون فنا.

فنون تعتمد قوة التراب قاتل بها لونغ، ومعنى اسمه التنين.

وقنون تعتمد قوة النار قاتل بها فودجا، ويعني اسمه النمر.

ثم دمجا بين النار والتراب لتكوين فنون أقوى تعتمد القوة والفتك والتدمير: فن التنين الأحمر وفن التنين الذهبي.

وفنون تعتمد قوة الماء قاتل بها تشي، ويعني اسمه طاقة الحياة.

وفنون تعتمد قوة الهواء قاتل بها تشو، ويعني اسمه الفن.

ومنها كانت فنون تعتمد الليونة والسرعة. فنون التنين الأزرق والتنين الوردي، وانحدر منها فن الأفعى وفن اللقلق والنسر التي علموها في معابد شاولين.

ومنه ما أتقنه الجنرال يوفاي مجدد فن النسر.

ثم تعلم ين ويانغ فنون الطاقات الباطنية السالبة والموجبة، وتحكما في المغناطيس والذبذبة والشعاع، حتى صار اسماهما رمزا لثقافة الطاو وفنون وودنغ، ثم فنون تأملية كاليوغا وفنون التيبت.

فكان منهما فن التنين البنفسجي والتنين الزهري، وفنون تعتمد التخاطر والتحكم الروحاني وفنون الجنجتسو التي أتقنها المعلم الكبير بودي دارما.

أما ونغ تشون ففنها مزيج من كل ما سبق.

إن معلمين كبارا ومقاتلي عظماء خرجوا من رحم هذه الفنون، لكن نسيانهم للأصل الأول جعل قوتهم محدودة في جانب أو جانبين، أعني الجسم وشيء من الطاقة الحيوية.

وهكذا بمرور العصور كثرت المدارس، ثم نسي الناس فنون الختمات والفنون الروحية وركزوا على الجسدية منها.

وبقيت فنون الطاقة والتنفس بين نسيان وتذكر.

وتطورت فنون الاسلحة بتطور الاسلحة، وفقدت السيوف وهجها وطاقاتها التي حملتها حين اتحد البشر بالتنانين، وبقيت قواها المعدنية في البتر والقطع والقتل.

ثم كان هنالك من تامل الحيوان وطور، وهنالك من تعلم أكثر من فن فدمج وانتج فنا جديدا.

لكن بمرور الحقب نسيت الفنون الاولى، وإن بقي من الفنون الداخلية والخارجية الكثير، إلا أنه يندر أن يتذكرها معلم، وحين يحصل ذلك، تكون نقلة في عالم الفنون الدفاعية.

وأقول لك بعد ما رأيته في كهف المعلم تايبنغ، لا أحد أنشأ شيئا، وحده القدير جعل وعلم، ومنح الهامات من كائنات تشرف على فنون الدفاع، نسمي ما التقى البشر بها منها بالتنانين، ونجهل ما فوق ذلك رسما وإن علمنا بعضه اسما.

كان “شينوبي” يحدث تلاميذه، ننجا صغار يتوقون للفهم، وكان تلميذه الاقرب والاحب الشاب “ياموتو” يكثر من الأسئلة.

رأى في عينيه الاصرار فقرر تعليمه فن الختمات.

إنها ختمات قليلة، لقد ضاع ذلك العلم.

يقال أن ذئب الريح استطاع تحريك العناصر والتحكم بها وفتح البوابات به، وكذلك فعل تايبنغ والتنانين السبعة، خاصة تشو ولونغ، لقد اتقناه بشكل كلي.

منشورات ذات صلة

تلك الليلة المشهد الأخير رواية الغريب
ليلة طال انتظارها. حدث عنها المحبوب، ثم وصيه، فريحانتاه، في مشاهد الفرح به، ومشاهد ألمهم ووجعهم. وكانوا حين ابتلوا بمن نافق ومن جاهر بالعداء،...
11 دقائق للقراءة
تفاحة وزيتونة من رواية الغريب
حين كان تايبنغ في جبل الخلود واستلم الأمانة وأعطى التفاحة لابنه يوجين والزيتونة لابنه يوشين، استأمن كل واحد منهما على ما أعطاه. وقبل أن...
8 دقائق للقراءة
قصة الماء
ما يميّز العقل البشري أنه سجين في قوالب المادة وقانونها. وكلما ظهر له ما يتجاوز ذلك خشي وأصابه الهلع، ولم يحتمل، ففر إلى أحكام...
5 دقائق للقراءة
ليلة أخرى من الوجع من رواية الغريب
ليلة أخرى من الوجع. هكذا كان يكتب الغريب بين الفينة والأخرى. والحقيقة أن ليالي الوجع كانت كثيرة، منذ الطفولة البكر. إن وجود ذلك النسيج...
7 دقائق للقراءة
نهاية المهلة من رواية الغريب
هدوء وسكون في ظلمة مطبقة، بيضة من مادة سوداء تشع طاقة ظلام خالص. ثم كان الانبجاس لبذرة تحمل الوجود وقواه فيها، أشد منه كثافة...
6 دقائق للقراءة
مع رجال الوقت من رواية الغريب
منذ صباه، كان الغريب مولعا برجال الوقت، محبا لهم، وقد ألقى الله في قلبه ذلك الحب، وزرعه في كيانه زرعا. ولم يكن ينسى يوما...
11 دقائق للقراءة
النمر وآخر التنانين من رواية الغريب
كان الغريب يحب النمر كثيرا، قبل أن يعرف أن قرينه نمر، وأنه من مقاماته مقام النمر، وقبل أن يتقن فن النمر القتالي الرهيب، وقبل...
7 دقائق للقراءة
غربة من رواية الغريب
الغريب الغريب الغريب. سئمنا هذا الإسم. قال أحدهم وهو ينفث دخان سيجاته كأفعى سوداء. لماذا يتكلم الناس في كل مكان عنه، من هو وماذا...
5 دقائق للقراءة
شارة التنين من رواية الغريب
عندما كان زعماء تلك المنظمة السرية يقرؤون خبر الغريب، كانوا يضحكون من سيرته، ويتهمون الراوي فيما يرويه، بل إن بعضهم قال أن حصولهم على...
6 دقائق للقراءة
الأمة المعدودة من رواية الغريب
جلس تايبنغ وأغمض عينيه وأخذ يردد تراتيل جبل الخلود، ثم فتح عينيه وقد انتقل ببدنه إلى الجبل، ووقف تحت الشجرة، تاركا جسمه في الكهف...
7 دقائق للقراءة