موسوعة البرهان، الجزء الأول (2): فاتحة

2 دقائق للقراءة

“نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٣﴾”

بسم الله الذي فتح بالخير أبوابـه، وهـدى للخير أحبابـه، وأنزل بالخير كتابـه. نحمده حمدا لا يُحصى عددَا، ولا ينتهي أبـدا، ونذكـره ونشكره فـردا واحدا صمـدا، ونستغفره ونستجيره عونا وحفظا ومددا. به نعوذ وبحماه نلوذ، الخالق للملكوت الحـــي الذي لا يموت، رب الأرض ورب السماء، محيى الموتـــى ومميت الأحياء.
نشهد أنه الحق كما قالَ وكما أنزلَ وكما علّم وكما أظهر وكما أخفى، ونشهد أن مُحَمَّدا عبده ورسوله أرسله بالنور والخير فبلغ ووفّى. عليه صلاة الله دائمة قائمة لا ُيرد عطاؤها ولا يُخمـــد سناؤها ولا يُحجب ضياؤها ولا يحصى عددهـــا ولا يغلب مددها. صلاة تقربنا منه وتلهمنا عنه وتدنينا من قرباته وتشفينا بمكرماته.
وبعد، فإن لله رجالا قاموا لهدي الأمة وكشف الغمة، فسلكوا في ذلك طرقا، وكانوا على ذلك فرقا، كل يلتمس للحق سبيله، ويقيم على الحجة دليله. ولكن المجال شاسع والمدى رحب وواسع، وعلى الرغم من كثرة الاختلافات حينا، وشدة الخلافات أحيانا، فإن المجال التأملي في كتاب الله لا ينغلق أبدا، وليس لعالم أو باحث أن يحيط بكل أسراره وكنوزه، ففيه من العلم أحسنه وأرقاه، ومن الذوق أكمله وأبقاه، وفيه الحكمة البالغة، والقصص الحق، ومحجة الشرع وحجج الحقيقة والصراط المستقيم…
ضمن هذا الكون النوراني، جال القلب وهامت الروح، تلتمس بكل حب نفحة وطيبا، ونظر العقل وتدبر واستنبط، ليكون هذا الكتاب، تأملا في كتاب الله، ومن خلاله في كشكول من العلوم، وجملة من المعارف، فكان القرآن مصدرا ومرجعا، وإقليدا ومقلادا، وكان الكتاب كله رحلة في العلم من خلال القرآن، ورحلة في القرآن من خلال العلم، ثم هو على ذلك تأملات ونفحات، بلغة ذوقية راقية، وأسلوب سلس متين، ومحاولة للرقي بفهمي الإنساني والعقلاني، إلى مجالات روحية وقلبية أرحب، حيث يرتقي الإنسان أكثر، ويزداد العقل حكمة وتمكنا، في توضيحات وشروح ودروس وابتكارات..
والبرهان رسالة في العلم والقرآن، ضمن روابط منطقية وتأملية، ولا يمكنني أن أنسب كل حرف وكل علم فيه لعقلي المجرد، ولكن إيماني العميق يسمح لي أن أقول بكل أريحية: “إن الله يفتح على قلب من يشاء بالحكمة والخير، ولا أرى كثيرا مما في هذا الكتاب إلا ضمن ذلك..مع ما محصه عقلي وارتضاه فكري وأدركته بصيرتي ووعاه إدراكي”….
وسيكون الكتاب كله في شكل دروس، أخاطبك فيها مباشرة، أخاطب عقلك..وقلبك، وروحك، وأنبل ما في ذاتك، وفق خيط من النور القرآني والتأمل الصافي والتمحيص العقلي، ولا أراها إلا خطوة جريئة للعقل والقلب معا، في طريق الاستنارة بالقرآن العظيم، ضمن فهم ذوقي أزكى، ونظر علمي أعمق…

إلى كل إنسان يحب الحكمة ويعشق العلم، وإلى كل مؤمن بالله الواحد الأحد، إلى كل محبي الحقيقة والعاكفين في محراب الهدي القرآني والهدى المحمدي..أهدي هذا الكتاب…


طرابلس
السبت 27 شوال 1427هـ الموافق 18 نوفمبر 2006 م

مقالات ذات صلة

وظيفة الاستغفار
وظيفة الاستغفارمن الوظائف الخاصة في الطريقة الخضرية العلية.مع صدق الرجاء وإخلاص النية في الدعاء، والتوجه القلبي الكلي إلى الله، والتوسل بمن للوسيلة ارتضاه.لها بفضل...
2 دقائق للقراءة
في حكمة القبض والبسط
في حكمة القبض والبسط والفناء والبقاء ومما يثير الدهشة في الحياة، قدرتها على التلون والتبدّل والانتقال من حال إلى حال، وهي في ذلك تأخذ...
2 دقائق للقراءة
لقاء على بساط المحبة
على بساط المحبة والأنس بالله، كان لقائي بالشيخ خالد بن تونس شيخ الطريقة العلاوية، وقد كان لقاء منفوحا بحب الله ورسوله، محاطا بسر أهل...
3 دقائق للقراءة
عن الطريقة الخضرية
قد يظن البعض ممن لم يطلع على الرسائل ، ولم يفهم المسائل، أن الطريقة الخضرية بدع من القول مما افترى على الأمس اليوم، وبدعة...
2 دقائق للقراءة
صم عاشوراء ولكن
كل عام أكتب عن عاشوراء، ويغضب الكثيرون.حسنا، لن أقول لك لا تصم يوم عاشوراء، لكن إن كنت ستصومه فلا تفعل ذلك ابتهاجا بنجاة موسى...
3 دقائق للقراءة
خطبة بين الروح والقلب
الحمد الله مبدي ما بدا، وهادي من هدى، الذي لم يخلق الخلق سدى.والصلاة والسلام على نبي الهدى، ونور المدى.من عز بربه فساد،  اتباعه رشَد...
< 1 دقيقة للقراءة
عن القرآن الكريم
ليس القرآن فقط مصحفا من ورق، عليه كلمات مطبوعة، تطال نسخه أيدي الآثمين.فيقرؤه قارؤهم والقرآن يلعنه، حتى يقتل خير الناس اغتيالا في المسجد وهو...
2 دقائق للقراءة
الوظيفة الصغرى
الحمد لله وصلى الله على الهادي رسول الله.وبعد فهذه الوظيفة الصغرى للطريقة الخضرية، ضمن ما فتح الله به على عبده. والنفع مجرب والفائدة أكيدة،...
2 دقائق للقراءة
يريد أن ينقض
ذلك الجدار الدي طال به العهد، وانتقل أصحابه عن الدنيا، سئم المقام حيث لا أنيس، ولا ضحكة طفل أو سجود شيخ، فأراد أن ينقض،...
2 دقائق للقراءة
عن والدي النبي وكافله
ورقة من الموسوعة التاريخية، وهذا نموذج لما في معظم الكتب السنية تاريخا وسيرة، حين يتم ذكر ام النبي او ابوه يسمون الاسم، وحين يذكرون...
2 دقائق للقراءة