الحاصد الجاني في الرد على الدعيّ الجاني

12 دقائق للقراءة

الحمد لله الذي زرع مهابة أوليائه في قلوب أعدائه، والصلاة والسلام على من اجتباه الله إماما لأنبيائه وسيدا لأصفيائه.
رسالة وصلتني فيها ما فيها من كلام بحقي، ألفها من سمى نفسه في ختامها بالجاني، وقد صدق في تسمية نفسه وكذب فيما سوى ذلك.
هذا الذي أصله تونسي، ولكن لا تؤثر قرابة الأصل في قليل الأصل، كتب ينسبني لمن كفّرهم، ويحقّر مني لمن راسلهم، ويقول كلاما لا ينبع من قلب سليم، وللقارئ أن ينظر في رسالته التي وضعتها أدنى مقالي هذا.
وقد يحار القارئ: هل كتابة صوفي ام هذيان حقد وهابي؟ أم نحن أمام نوع جديد “صوفهابي”: وهابي يستخفي بين الصوفيين ويفسد بينهم، ويحارب التصوف من داخله ليكون ضرره أشد وأثره أقوى.
كل ذلك التكفير وتلك الشرور، والصلف والغرور وقول الزور، ونسبة المعوج إلى الصحيح من الأمور، لا يأتيه إلا مثبور، ولا يفعله من في قلبه ذرة من نور.
يقول الجاني على نفسه: أني لا أنتسب إلى طريق القوم، حتى وإن كتبت كلاما فيه معرفة بهم أو نطقت بلسان شبيه للسانهم بل الأمر عنده كما يقول: “التأليف في التصوف باللسان العصري الأكاديمي ليس دليلا على صحة الانتساب إلى طريق القوم، وحتى إن ألف أحد ما كلاما بلسان القوم فليس دليلا على صحة النسبة”.
فكيف تصح النسبة للقوم يا صاحب السر؟
وكيف يكون حال من كتب عن التصوف أكاديميا يريد خدمته، يطرده القوم؟
وكيف إن كتب بلسانهم وعبّر عن حالهم والكلام دليل على المعدن والمقام كما قال الإمام علي: تكلم لنعرفك.
أكلُّ ذلك لا يكفي ولا يشفع؟
ثم من تكون أنت؟ الناطق باسم القوم؟ وكيلهم في أرض الله، المطلع على قلوب خلق الله تنسب هذا إليهم وتمنع هذا منهم؟
ساقي الحضرة وصاحب النظرة؟
أم سلطان في ديوانهم وسيد في ركنهم؟
وهل عندك منهم برهان ظاهر أو حجة غالبة؟
وهل من العلم ما تقول ومن الحق ما تذكر؟
أيقول صوفي: فيا ليت شعري كيف يشم رائحة المعرفة من خرج من رحم المتعة ولا يعرف أباه من عمه من جاره”.
أذلك سبب ابتسامك وتحقيق انتقامك؟
وهل هذه أخلاق أهل الله وهل تلك كلماتهم؟ أم رذائل أهل النفاق ولسان أصحاب الشّقاق؟
وهل هذا حال الصوفية وقولهم؟ أم قول الوهابية ولفظهم؟
وهل كلامي الذي هو قبس من كلام أهل الله لفظا وسرا ومعنى لا يدل على نسبتي إليهم، وكلامك الذي يقطر حقدا وينضح فُحشا ويقطر دناءة دليل على نسبتك إليهم؟
أتكفّر من يشهدون أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله، وتحشر طوائف المسلمين في الكفر كافة، كأن روح ابن تيمية تقمصتك، ودناءة ابن عبد الوهاب تلبّست بك، ولا عجب فشيطانكم واحد.
ثم إنك من شدة جهلك تتكلم في العرفان وأنت به جاهل، ألا تعلم أن لكل أمة ولكل طائفة أهل علم وحكمة، وأن الحكمة ضالة المؤمن، وأن الشهامة الاعتراف بالفضل.
ثم إنك تشنع علي وعلى أهل التصوف حب آل البيت، وتلمز أن ذلك تشيع منهم ورفض، وأنه وباء جديد تفشّى فيهم، وخطر داهم سرى بينهم، ولو كنت تعلم يا مسكين ما جنيت على نفسك حين نطقت بما نطقت..
أتنسب نفسك لسيدي احمد التجاني؟
فهل تعرف من أدخل الطريقة التجانية إلى حاضرة إفريقية؟
فانظر إلى سيدي إبراهيم الرياحي سلطان العلماء وفقيه تونس وشيخ التجانية فيها حين يقول:
إلهي قد سألتك بالنّبيِّ
وفرعِ الطّهر بالحسن الوليِّ

بمولانا الحسين ومن قد أضحى
شهيدا من يد الشمر الشقيِّ

بزين العابدين ومن تسمّى
عليّا وهو ذو القدر العليِّ

بمن بقر العلوم وكان فردا
محمد الذكيّ ابن الذكيّ

بصادقنا المسمّى في البرايا
بجعفرنا أخ السرّ الجليِّ

بموسى الكاظم الشهم الذي قد
سمى في الخلق بالخُلُق السنيِّ

بمن في طوس قد أضحى دفينا
أبي الحسن الملقّب بالرضيّ

بمن قد فاق في أدب وعلم
محمّد الملقّب بالتقيّ

بذاك السيد الهادي عليّ
حميد الفعل ذي العرض النقيّ

بمولى الفضل بالحسن المسمّى
بسلطان الكرام العسكريِّ

بخاتم أولياء الله جمعا
بمهدي الزمان الهاشميِّ

أدم لي حب أهل البيت حتى
أموت عليه بالعهد الوفيِّ

(قالها سنة 1233 ه/1817 م من كتاب سيدي ابراهيم الرياحي للكاتب أحمد الشريف، صفحة 227، وكتاب تعطير النواحي بمناقب سيدي إبراهيم الرياحي ص 72.)
أليس هذا توسلا صريحا بأئمة آل البيت؟
فهل سمعت أحدا من أكابر علماء الزيتونة أو كبار أهل الله في وقته إلى وقتنا قال له إنك رافضي؟
فإن كان من تدعي النسبة إليه في الطريقة ذلك شأنه، فأي سبيل ستسلك وبأي لسان ستنطق؟
إنما محبة آل البيت من الإيمان، ونحن في ذلك وسواه على نهج ساداتنا، وفي عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك، واسأل الأحياء من أسيادك علماء الزيتونة الكرام يخبرونك عني وعن نسبتي.
ورحم الله ابن أبي الضياف، تلميذ سيدي ابراهيم الرياحي والعالم الزيتوني والمؤرخ والمصلح حين قال في الاتحاف: (وأهل إفريقية يدينون بحب علي وآله، يستوي في ذلك عالمهم وجاهلهم، جِبلّة في طباعهم، حتى أن نسوانهم عند طلق الولادة ينادون: “يا محمد يا علي”، وكان الإمام الشاذلي رضي الله عنه يقول لأصحابه: “إذا اشتد عليكم كرب فقولوا: “يا محمد يا علي”.
وقوة المحبة لآل البيت مع الاعتراف بالفضل والمحبة لغيرهم ليس من الرفض في شيء، والله يقول: “قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى. ولا يخلو مسلم من هذا الحب، ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول:
إن كان رفضا حب آل محمد** فليشهد الثقلان أنّي رافضي)
(كتاب إتحاف أهل الزمان في أخبار ملوك تونس وعهد الأمان، المجلد الأول ص 121 طبعة الدار العربية للكتاب سنة 2016 تحقيق لجنة من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث).
فهل سمعت عن ذلك من قبل، أم أن شياطينك لم يحيطوك به خبرا.
اما عن قولك أني ألمز في صحابة رسول الله وام المؤمنين فقد كذبت، فأتني بموضع تجدني افعل فيه شيئا من ذلك قولا او نثرا ولو حرفا واحدا، فان لم تفعل ولن تفعل، فاعلم أن لعنة الله على الكاذبين، وحاشا اهل الله والموصولين بهم حقا ان يكذبوا.
ثم إن حمقك يسير بك إلى نسبة الشرور كلها إلى منبع التصوف، من طوائف تراها كافرة فاسدة، وتستميت في دفاعك عن ألد أعداء التصوف ضمن ردك على صبيان طريقتك والطرق الاخرى كما تذكر، ولعل تواضعك هنا لأهل التصوف دليل على المقام الذي بلغته.
فهل سمع الناس بصوفي ينصر الخوارج ويدافع عن الوهابية قتلة الصوفية ومكفريهم وهادمي الزوايا ونابشي قبور الصالحين، ويُكفّر بقية طوائف المسلمين كافة؟؟
هل أنت سني حقيقي حين تمضي في درب التكفير؟؟
أم أنت صوفي حقا حين تسير في سبل التزييف والتزوير؟؟
ثم تقول متحسرا: ” فلو كان هذا الرجل في زمن الأكابر والسادات لشُهِّر به وحُرِم الإنتساب لطريق القوم أو التزيي بزيهم ” ولو كانت نيته حسنة ” خوفا على عموم أهل النسبة من الخروج من ملة أهل السنة والوقوع في التلبيس والزندقة”.
فهل زندقة أشد من العمى الذي أنت فيه، وهل تلبيس اكبر من كذبك وافترائك وقلة أدبك..
فيا لتقواك وخوفك على أهل النسبة من فتنتي، ويا لورعك الذي فاق ورع إبليس إذ أقسم بعزة الله ليضلنّ خلق الله.
أين أنت من الأكابر وأين هم منك؟
ثم إنك تنفي وجود أكابر في وقتنا، لأنك محجوب عنهم بغرورك وقلة فهمك وسوء طويتك، وإلا فهم لا يخلو منهم عصر، يتبع بعضهم بعضا لا ينتقل قطب ولا بدل ولا ولي منهم إلا يأتي مكانه من يخلفه، ظهر لعامة الناس أو احتجب، حكمة من الله ورحمة.
فهل تعرف منزلتي من الأكابر الذين انتقلوا أو الذين ينتظرون وما بدّلوا تبديلا؟
وكيف لأعمى أن يرى أو لأصم أن يسمع، إنما هي أوهامك تمتطيك ولا تمتطيها.
تضيف حائرا سائلا: “لا أدري لماذا نفخوا في غير ذات ضرم واستسمنوا ذا ورم ، فلماذا تناقل خبر هذا الرجل المشبوه إعتقادا ومذهبا ونسبة فنهاية أمره أحد المريدين المُختلط أمرُه إن كانت له سابقة عند أهل الله فستستنقذه يد الفضل والمن من هذا التخبيط والتخليط وإلا فهو نقطة من بحر وورقة سقطت من شجر ولا يساوي عند أهل الله جرة قلم”.
فأي تخبيط وتخليط وشبهة وجدت في كتبي أو مقالاتي أو محاضراتي: في العقيدة أو الشريعة أو المنهج؟
ومن تكون وما نسبتك؟
هل عندك علم من الظاهر؟ أم كشف الله لك شيئا من الباطن؟
وهل أهل الله فتحوا لك أبوابهم أم أفاضوا عليك علمهم أو أغرقوك في بحرهم؟
فان كان لك من الظاهر علم حاججناك، وان كان لك من الباطن علم ناظرناك، وان كان لك برهان فادع وندعو، ولننظر من يخيب ومن يصيب.
وان كان لك لاهل الله سند ومنهم مدد فاسلك ونسلك، ولنجعل سلطانهم في رقبة الكاذب منا.
وإن رمت مظاهر الحدثان وبراهين الميدان: فأين خيلك في حرب أهل التصوف ضد أعدائهم؟
ومن شهد لك بشيء من ذلك، وقد شهد لنا به العالم في مؤتمراته ورحلاتنا في بلدانه النائي منها والقريب، وفي الاعلام وما بيّنا فيه، وعند كثير من علماء الأمة الكبار وأهل التصوف الأعيان الذين لن تبلغ نعالهم.
فهل وقفت للوهابية الذين لا اراك الا من نهجهم في العنت وقلة الادب والتكفير كما وقفنا، حين عتوا في تونس وعاثوا في بلاد المسلمين وبغوا في الارض نبشا وحرقا للزويا وحربا لاهل التصوف وتقتيلا.
وهل نصرت التصوف كما نصرنا اعلاما وبيانا وتاليفا وموقفا؟
وإنه قد كثر الشهود على حقيقة ما نقول، فأين شاهدك على ما تقول واين برهانك على بطلان ما نقول؟
والقاصي والداني يعرفون ما فعلنا وكيف صلنا وجلنا، وعلى الله توكلنا. وليس مثلنا من يجبن عن كلمة الحق، ولا كنّا يوما ممن يهادن أو ينافق أو يشتري بكلمات الله عرض الدنيا.
يا أعمى القلب: افي مثلي يقال ذلك المقال، ويُحبّر جواب السؤال؟
وهل وقف امري عند قلة هنا او زمرة هناك حتى تنكر وتستنكر، وتقول معاتبا: “واللوم حقيقة على بعض أهل طريقتنا في نواحي صحراء المغرب الأوسط وغيرهم من أهل النسبة ممن تداولوا اسمه وأشهروا خبره برغم ثبوت الشبهة حوله”.
أية شبهة ثبتت، وأية جريمة كُشفت، فوالله ما أثبتّ إلا شبهتك وما كشفت إلى جرمك.
أيها الجاني: لقد اقتحمت ما لا تطيق، وركبت ما لا ستطيع، ورمت ما لن تنال، ولو أنك لزمت غرزك وصنت نفسك لكان خيرا لك.
وإنّا بحمد الله سادة نحب أجدادنا آل البيت حبا نتقرب به إلى الله.
وإنّا أهل سنة حق لا نكفر إخوتنا من أهل الإيمان ولا نقول إلا خيرا.
وإنّا أهل تصوف حق لا نتخذه تجارة ولا نلتحف به لنطعن في الظهر ولا نرتديه قناعا لنخفي بشاعة الوجه وفساد الباطن.
وإن الكلام مرآة قائله: فلينظر ذو عقل إلى كلامي وكلامك، أينا أحق بالنسبة لأهل الله وأينا لهم عدو.
يا من تدافع عن الخوارج وتنطق بلسانهم: ألم يقل رسول الله: الخوارج كلاب النار، فكيف يكون كلب النار مؤمنا.
يا من يستل حربته ليطعن الحق وينسبه إلى غير أهله، ويفتن بالباطل وينسبه إلى غير أهله: ألم يقل رسول الله في شأن الخوارج: طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه، فهل طوبى لمن يقتل اهل الايمان او يقتلونه.
يا ظالم نفسه، الوهابية أحبابك الذين تدافع عنه وتنطق باسمهم وتنتمي بقلبك إليهم وان ادعيت الانتساب بشكلك وإفكك إلى أهل التصوف، يعادون أولياء الله، ويقول شيخهم النجدي أن أبا جهل أعلم بالله من الشيخ عبد القادر، وقد فجروا مقام سيدي عبد السلام، ونبشوا قبر سيدي أحمد زروق، وأحرقوا مقام سيدي ابي سعيد الباجي قدس الله أسرارهم أجمعين، وفجروا آلاف الزوايا والمقامات في العراق والشام وليبيا، وقتلوا الآلاف من أهل التصوف مشايخ ومريدين، وفجروا المسجد في سيناء وقتلوا المصلّين الآمنين الصوفية، وقتلوا الصوفي المعمّر وقطعوا رأسه، فهل أولئك أقرب إليك من الذين وقفوا للصهاينة في جنوب لبنان وهزموهم؟ أو من بقية طوائف المسلمين الذين يشهدون شهادة الإسلام ويعتقدون معتقد أهل الإيمان، ولا يعادون التصوف ولا يقتلون المسلمين ولا يعيثون في الأرض فسادا.
يا منطمس البصيرة: ألم يقل رب العالمين: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب. فهل يؤذن الله بالحرب مؤمنا؟ وهل يعادي مؤمن أولياء ربه؟ وهل يدافع عن الذين يعادون أولياء الله ويآذنهم الله بالحرب إلّا من هو لأولياء الله عدو وقد آذنه الله بالحرب مع أعداء أهل الله.
أليس الخوارج والوهابية يعادون أولياء الله بكل أشكال العداء وبأعتاها، ثم ها أنت تواليه، فإلي أين تسير بك خطاء ويهديك عماك؟
وعداء أهل الله وموالاة أعدائهم لعمري مقامك، وتلك حقيقتك فضحك الله بها من لسانك وهتك سترك من بيانك. أسأل الله أن يظهر فيك آيته كما أنت له حقيق.
وحسبك هذا في شأن الخوارج والوهابية أخلائك الذين تقول لهم في خلوتك قول المنافقين لشياطينهم: إنّا معكم. دون الخوض في قول علماء العقيدة في شأن المجسّم، ولا إطالة في أمر المذاهب والطوائف، ويكفيك أن تعلم أن علماء الأمة اجتمعوا في الأردن سنة 2006 ووقّعوا على وثيقة جاء فيها أنه يصح التعبد لله بالمذاهب الثمانية، فراجع واقرأ وانظر من حضر ومن وقّع وماذا في تلك الوثيقة.
أيها الدعي الجاني: لا صلة لك بأهل الله ولا بسيدي أحمد التجاني، فالزم غرزك ولا تعد قدرك واحترم السادة احفاد رسول الله ان كان لك عقل، واترك قول المرجفين وطباع الأفاقين إن كان ذلك عندك تطبّعا لا طبعا، ولا أراك إلا مختوما على قلبك. فلا يصدر الحقد والكذب والتكفير من قلب سليم.
وإنك يا هذا قد ظلمتنا وما ظلمناك، وأسأت إلينا بغير سابقة سوء منا، وكنت كالذي يريد أن يحجب الشمس بكفيه، أو يوقف الطوفان بجسمه، كلامك متهافت وبريقك خافت، وعنادك وحقدك وتعديك علينا بغير حق ظاهر لافت..
فيا ناطح السحاب بقرنه وضارب الجلامد بصدغه، ترفق بنفسك فكم انكسرت على هذا الترس نصال وكم غرقت بهذا اليم زوارق..اعلينا تثير شبهة الزنادق، وتدافع عن كل وهابي مكفّر مارق؟
ألا وإننا لا نريد خوضا في جدل، ولكن إكراما لمن راسلته تكذب علينا أجبناك، لأن بيننا وبينه صلة نسب ونسبة، وإنا آل بيت النبي، سيمانا في وجوهنا، لا نتهيب عدوا، ولا نخاف متربصا، ولا نخشى حاقدا، ورثنا الكرامة كابرا عن كابر، وحققنا الله بما أعدنا له، وقد عبّر مقالنا عن حالنا.
واعلم أن التصوف أدب، وأن طريق القوم طريق تأدب ورحمة وتواضع.
وأن النسبة الصحيحة إليهم ليست بالأشكال ولا بادعاء الأحوال، بل بسلامة الطوية وصفاء النيّة ومحبة الخلق والذود عن أهل الحق وعشق الآل والفناء مع أهل الحال واليقين أن كل شيء إلى زوال ولا يبقى إلا الكبير المتعال. وأن الله يُعلّم من يشاء، ويكشف الحجب عمّن يشاء. وليس لأحد من الخلق في ذلك إلا طاعة مفروضة أو جحود مُبلس مقهور.
وأن في طريق القوم مريد ومُراد، فأما المريد فيخطبهم، وأما المراد فيخطبونه، وكما قال سيدي ابن عطاء الله، فإن الحضرة تَخطب كما تُخطب، وأنه ليس الأمر في أن تكون محبا بل في أن تكون محبوبا.
واعلم بعد هذا أن السر كالمسك لا يخفيه حامله، وأن الشر كالقطران يظهر صباغه وتغلب رائحته.
وأن من أحب أهل الله عادى أعداءهم، ومن أحب رسول الله أحب آله وآلمه مصابهم.
ومن أحب الله صبر على جمر المسير وشوك المسيرة، وسعى في الأرض مصلحا، وعلى أحباب الله وأولياءه منافحا، وعن أهل الحق مدافعا، ولأهل الباطل صافعا، ولطرق الإفك مجانبا، ولقول السوء تاركا.
وأن من سار تحت لوائهم بالتواضع والصبر سلك، ومن خدمهم فأخلص في خدمته سلما وحربا ملك، ومن انتحل أسماءهم وطرقهم وكان يدا لعدوهم هادما لسبلهم مفسدا لنهجهم قضى وهلك.
ولا أظن نصحي يبلغ منك إلا ما يبلغ الماء من الصلد الأصم، فلو كان لك في الخير نصيب لما ركبت مطية البطلان وكنت لنا لدّا، ولو كانت لك مع أهل الله صلة لنهوك عن اقتحام حمانا وأن تكون لأحبابهم ضدّا، ولو أن لك من دم المصطفى قطرة لحال ذلك بينك وبين أن ترمينا بما رميتنا وأنت كاذب، ولجعل الرحمن بسر ذلك النسب الشريف بيننا وُدّا. فوالله ما لك في ذلك الشرف من نزر ولا نصيب إن أنت إلا كذاب على الأشراف وقد ضربوا بينك وبينهم سدّا.
واعلم أن أعتى أعداء الله من ينطق باسمهم كذبا، يودعي النسبة إليهم زورا، وقلبه حاقد، ولسانه جاحد، وفكره فاسد، ومعينه راكد، ولكل لك معهم سابقة فأحالوك إلينا لنقطع ذَنَبك، ونكشف كذِبك، وبتر عقِبك، كما أحالوا سواك من قبل فاسأل يجبك من الناس كثير.
فإن كنت تروم من وراء ما كتبت عنا آفكا ظالما زنيما، وعتلّا باغيا لئيما: منعا لخير: فلا مانع لما أعطى الله ولا حارم لمن وهب.
وإن كنت تود ما يود الحاسد فاقرأ قولنا: “يود الحاسد لو كان سالبا، وهو مسلوب بمجرد ان حسد”.
وأما اهل الله فنعرفهم ويعرفوننا،ولو كنت منهم لعرفتنا، ولا يخفى عن ذي بصيرة في قولنا وحالنا وشعرنا ودعائنا وعلمنا من أثرهم وأنفاسهم ونفحاتهم وأمدادهم شيء، وما ذلك إلا فضل من عظيم فضل، وعطاء سلطاني من عظيم إذا أعطى أدهش.
فإن لقيت الخضر فاسأله، وإن زارك الجيلاني أو الرفاعي أو الشاذلي أو التجاني أو أي من سادة الديوان ورجال الرحمن قدس الله أسرارهم وأظهر أنوارهم وبارك في من زاروه وزارهم، فاسأله.
أو اسأل من يحبنا ونحبه من أهل الله الأحياء بيننا، ممن وصَلنا الله بهم وصل محبة، وربط رسول الله حبال أرواحنا بسره، وطاف ساقي أهل الله علينا بخمره، وأوكلنا العظيم بشيء من نوره وأمره، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولن أقول لك أسماءهم فلست لذلك أهلا.
فكن كما تريد، وقل ما تريد، واحفر حيث تريد، فإنّا غالبوك بما فعلت، وداحضوك بما نطقت، ودافنوك فيما حفرت، وداعون عليك دعاء مظلوم إلى ناصر كل مظلوم، ودعاء من أفنى في حب أهل الله عمره، وضم على عشق الصالحين حاله وأمره، ودعاء شريف لا يرد الله دعاء أهل نسبته وسلسلته، فإنّا آل البيت نسبنا موصول إلى يوم القيامة ونسب سوانا مقطوع.
هذا…والحمد لله رب العالمين.

وكتب أبو علي مازن بن الطاهر بن علي بن عمر بن علي الحسني الحسيني الشريف
جاكرتا، اندونيسيا.
26/01/2018


نص رسالة الجاني على نفسه كما قدمها بعض أتباعه:
مراسلة بين (……..) وبين سيدي أحمد الهادي حفظهما الله تعالى في خصوص المسمى بمازن التونسي وقد استشكل (……) موقف سيدي أحمد الهادي من التونسي المذكور خصوصا بعد تنبيه سيدنا الشريف رابطة الطرق الصوفية الماليزية وتذكيرهم بعدم دعوته لأن بعض أهل النسبة طرح إسمه كمدعو للمجلس السنوي للرابطة وقد دخل التحير على الشريف المذكور لما أرسل إليه بعضهم عناوين مؤلفات التونسي المذكور
كتب سيدي أحمد الهادي ما نصه نقلا من المراسلة المذكورة
… وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته

أولا التأليف في التصوف ” باللسان العصري الأكاديمي ” ليس دليلا على صحة النسبة إلى طريق القوم وحتى وإن ألف أحد ما كلاما بلسان القوم فليس كذلك دليلا على صحة النسبة ولا أدل على ذلك من أن شيطان الرافضة ورأس الزنادقة المدعو بالخُميني الهالك ” كشف الله سوأته وسوءات من تعلق به ” ألف شرحا مستفيضا على فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن عربي وضي الله عنه
والرافضة كما هو معلوم عند أهل الإختصاص تدعي أن لها تصوفا مخصوصا بهم هو أقرب إلى الزندقة منه إلى الإسلام ويسمونه ” العرفان ” وينسبونه كذبا إلى الأيمة الأطهار
فيا ليت شعري كيف يشم رائحة المعرفة من خرج من رحم المتعة ولا يعرف أباه من عمِّه وجاره

مقالات ذات صلة

جوقة الشتيمة
مرة اخرى أكتب عنهم،  اللعانون الشتامون السبابون، الناطقون بكل قول دنيء، ولفظ بذيء.الذين يسبونني كلما ظهرت في الإعلام، ويتنادون كما تتنادى الضباع، ويستبسلون في...
2 دقائق للقراءة
موسم الشتائم
أعيش هذه الفترة أياما رائعة في المغرب الحبيب، أرض الأجداد وأمل الأحفاد، مع أحبة رائعين ونخبة مبدعين من تلامذتي المخلصين، الذين تفيض أرواحهم محبة...
2 دقائق للقراءة
صراعنا مع المتطرفين لا مع أهل الديانات
We have no problem with other religions, because we are people of peace.The Madina charter of the Messenger of God gave the Jews their...
4 دقائق للقراءة
المهدي ملحمة الصبر واليقين – كلمة
رسالة إلى اخوتي السُّنة الذين ينتظرون الإمام المهدي ويبحثون عن شخصه وبلده وسنّه: إنه سر وكنهه واسمه في “الزمان” فهو صاحب الزمان، لا يجليه...
2 دقائق للقراءة
فصل المقال في الرد على كل دعيٍّ دجّال
لسنوات طويلة سعينا لنشر الوعي والثقافة والفكر، محليا ودوليا، وضمن أعلى المستويات وعلى أكبر المنابر، وفي الندوات والمؤتمرات والإعلام، مخلصين فيما نقدمه، مع إعداد...
2 دقائق للقراءة
مع التطبيع
أنا مع التطبيع. لأن الحرب لن تجلب لنا شيئا. حاربنا سنة 48 و67 وخسرنا المزيد من الأرض والقتلى والمشردين. وحتى نشوتنا بانتصارنا في حرب...
3 دقائق للقراءة
تأملات
تعلم من أسوأ ممن يستبعد الناس!من يحب أن يُستعبدْ.ومن أسوأ من المُستعمر.من يحب أن يُستعمر.إنه ديوث وطن.لا يقبل أن يتحرر، لا يريد أن يرى...
< 1 دقيقة للقراءة
هل فقدت الذاكرة؟
هل فقدت الذاكرة؟ لماذا لم تعد تكتب، وتحلل، وتهتف في وجوه المنافقين والظالمين والخونة، وتستصرخ الضمائر الحية، وتكوي الضمائر النائمة لعلها تستفيق؟؟ أم تراك...
2 دقائق للقراءة
المولد النبوي الشريف
“بدعة اللا-مولد”
قال لي غاضبا وشرر عينيه يسعى لحرقي لو قدر: هل تحبون النبي اكثر من الصحابة؟ ما هذه البدعة التي خرجتهم بها عن السلف الصالح....
< 1 دقيقة للقراءة
كنتُ مسلما…..
كنت مسلما…. ليس لشيء إلا لأن ابي مسلم…وولدت في مجتمع مسلم… كنت مسلما…. لم افكر كثيرا…بل مشيت حيث القوم مشوا…ووقفت حيث وقفوا..صلوا فصليت…وصاموا فَصُمت…...
2 دقائق للقراءة