السعادة وفخ الغراب

2 دقائق للقراءة

ربما تظن أن السعادة في الكم.
منطق الغراب في كم الأشياء اللامعة التي يجمعها في عشه، والتي لا يستفيد منها بشيء.
منطق الغراب يطبقه كثير من البشر، الذين يرون سعادتهم في كل ما يجمعون من متاع الدنيا، ولا يشبعون من ذلك.
السعادة الحقيقية في كلمة قالها سيد السعداء صلى الله عليه وعلى آله: ” من أصبَح مُعافًى في بدنِه آمنًا في سِربِه عندَه قوتُ يومِه فكأنَّما حِيزَتْ له الدُّنيا”.
إنه سر عظيم يعرفه الذين أصبحوا وقد فارقتهم الصحة وودعتهم العافية.
يعرفه الذي أصبحوا ولا أوطان لهم، ولا أمان في أسرابهم ومجتمعاتهم.
يعرفه الذين فقدوا قوت اليوم، ولم يجدوا ما يأكلون، وهم في أحوال من التشريد والإمحال والفقر المدقع.
ومع ما ينبغي على الإنسان من مواساتهم ومن مساعدة من استطاع منهم، فإن لم يستطع فأضعف الإيمان أن يحس بهم.
مع ذلك ينبغي أن يشكر المنعم، وأن يحمد الواهب، الذي أعطاه الصحة وقد سلبها من سواه، وأعطاه الأمن وابتلى غيره بفقدانه. ومنحه الرزق وفي الأرض الكثير ممن حُرموه.
السعادة أن تنظر لعظيم النعم التي تبدو لك عادية ولا تساوي شيئا، تماما كما يبدو النظر إلى مشهد ما من مشاهد الحياة عاديا للغاية ولا يثير الانتباه، ولكن فاقد البصر يعلم أن كل لون يراه الرائي وكل مشهد ينظر إليه الناظر وكل شيء يبصره المبصر نعمة عظيمة ومنحة كبيرة وأمر عظيم وسعادة بالغة.
إن السعادة الذاتية في أن تصحو صباحا وأن صحيح معافى، آمن مطمئن، مالك لقوتك، حامد لربك مؤمن به.
وما أجمل أن تقترب من الطبيعة، أن ترعى الأغنام مرة، وأنت تقرأ كتابا.
أن توقف الحروب في أعماقك وتعيش السلم الداخلي.
أن تسامح نفسك عما مضى، وتطلب عفو ربك.
أن تعلم قيمة كل نفس تتنفسه، كل لون تنظر إليه، كل صوت تسمعه، كل حركة تقوم بها، كل فكرة راقية تخطر ببالك.
حينها تكون مستعدا للمرحلة الموالية من السعادة: السعادة التفاعلية، التي تعني إسعاد الآخرين والإشعاع الإيجابي على من حولك.
كيف تفعل ذلك ولم تبدأ بنفسك.
#مازن_الشريف_كتاب_فن_السعادة

منشورات ذات صلة

كلمة شجرة وغابة
كانت كلمة، ثم صارت بذرة، ثم أصبحت شجرة، ثم تشابكت أغضانها لتكون غابة عظيمة. وكنا قبل تلك الكلمة، كلمة أولى في كتاب الأزل، ولم...
< 1 دقيقة للقراءة
عنقاء الخلود
طائر العنقاء يحييكم. فبعد كل ألق، يحترق، ليتألق بعد احتراق، ويتجدد بعد انتفاء، ويولد بعد فناء. ويخرج من تحت رماده أشد قوة وأمضى عزما...
< 1 دقيقة للقراءة
وماذا بعد
وماذا بعد؟! محبون يحبون بلا سبب، ولو بدا لهم أن للحب سببا. وكارهون يكرهون بلا سبب، ولو بدا لهم أن للكره سببا. وما ذلك...
< 1 دقيقة للقراءة
عسل ومنارة
المنارة فكرة. من يقتل الفكرة حين تشع وتظهر، وتتلقفها القلوب المؤمنة، والعقول الواعية، والأرواح المحبة. سواء كانت مجرد معنى، أو تحولت إلى مبنى، فهي...
< 1 دقيقة للقراءة
عن السعادة
هنالك نوعان من السعادة: سعادة تخدم بها نفسك، وسعادة تخدم بها الآخرين. فالسعادة الذاتية تكون في سلم داخلي يعيشه الانسان بينه وبين نفسه. فينشر...
< 1 دقيقة للقراءة
مولوية
# *مولوية* ليست السعادة أن يلهث المرء خلف الدنيا، بل السعادة أن تلهث الدنيا خلفك وأنت تسرع في طريقك نحو الله. ولا يعني ذلك...
2 دقائق للقراءة
عن العشق ٢
العشق طريقنا، وسر طريقتنا. قال الشيخ لمريده. كل عشق دون عشق الله، طريق إليه، فالعشق عظيم كيفما كان وحيثما كان. ومن عشق الزهرة، تأمل...
< 1 دقيقة للقراءة
عزة بالله
سلّم على جلّول (١) مولى الوهرة ولِّي (٢) تحدّى كسروله ظهره   سلّم على جلّول مولى الهيبة ولِّي تحدّى ظهروله عيبه   سلّم على...
< 1 دقيقة للقراءة
ما العشق
ما العشق، قال لها. إنه حمى الروح التي تتقد في الجسد، مثل نيران الجبال، يوقدها حراس الزمان على قمم المكان. ذلك العشق الذي يصطفي...
< 1 دقيقة للقراءة
نور محبة
قد أنعم الله علينا بنعم كثيرة، أظهر بعضها، وأخفى معظمها وأعظمها. وجعل لنا أحبة يحبوننا فيه، بنور حباه لهم، فنظروا إلينا به، فرأوا حسن...
< 1 دقيقة للقراءة