رسالة إلى العام الجديد

2 دقائق للقراءة

ماذا أكتب إليك…
أيها القادم الجديد بعد سويعات قليلة.
هل تعي ماذا فعل سابقوك؟ وماذا تركوا لك؟
صحيح أن العام الذي يتنفس أنفاسه الأخيرة الآن كان لي عام خير وسفر وإبداع، لكني لا أتكلم عني، كما كان شأني مع أعوام خلت حين كان الوقت سجنا والشهر حصارا والأيام بلاء مرا، صفحات لن ترجع ان شاء الله، إنما اتكلم عنهم، وعنها…
انظر من حولك إليهم…كل هؤلاء المشردون والمقتّلون والمعذّبون في الأرض…
وانظر إليها…ألا تراها تختنق…تتلوث كل يوم أكثر…هل تتصور أنها بعد كل هذا لن تنتفض بزلازلها وبراكينها وقواها لتدمر الكائن الضئيل الذي يكاد يقتلها سمّا وتلوثا وانحباسا حراريا، وتدميرا للغابات والحيوانات والحياة على ظهرها…الأرض المسكينة.
لقد بدأت الحرب بالفعل، منذ أن أشهر العام الحادي عشر عن خناجر إجرامه، ولعب الماكرون على ذيل الوقت، وقالوا أتاكم الربيع يا عرب…ولكنه كان خريفا بلا رحمة…
والآن وأنت التاسع بعد العشرة…خطوة قبل العشرين وما فيها وما يليها، دعني أقول لك: لا تسمح لهم أن يتلاعبوا بك.
تقول لي: ما أنا إلا وقت…توقيت…ميقات…زمن..تزمين..مزامنة وقتية…مجرد نسيج من اللحظات والثواني والدقائق والساعات والأيام والأشهر …ليل ونهار ثم نهار وليل…فصول….وقدري مكتوب سلفا…ولا أملك لي ولا لكم من الأمر شيئا.
لكني أقول لك: يجب أن تمتلك الجرأة على الثورة على هؤلاء البشر…افعل شيئا يا أخي..إن كان بالامكان مآخاة الوقت…
كن عام خير على الطيبين وعام نحس على الفجرة المجرمين…فقد كان الذين سبقوك أعوام خير ورفاه لكل أعداء الله…وأعوام نكبة وبلاء للطيبين في أرض الطيبة…
تسألني عني؟ أنا الآن بلغت الأربعين…ولا أرى في كتابي إلا خيرا…ولكني لم أعد أعيش لي منذ زمن…همي كربلائي…وجعي فلسطيني…جرحي شامي…نزفي عراقي..غصتي يمنية…وآلامي تمتد على أرواح المتألمين جميعا…سيما الأطفال…أوجاعي غادرتني إلى كتب التاريخ…ملحمة ملحمة…ووجعا وجعا…كأني أشهد على العصور وأرى ما رأته الدهور…وكل مرة يصبح الحجاب أشف…ويصبح الوجع أعنف.
على كل أيها العام الجديد…أليس في الكتاب أن بعد خمسة منك ستكون آية…لقد انتظرتها منذ عشرين عاما…وانتظرتها الأرض منذ آدم…فهل تعلم عنها ما تعلمني…أم تختار صمت الوقت الرهيب…الذي تختفي خلفه أهوال الساعة…وإن الساعة لقريب.

31/12/2018 18:40 توقيت تونس.