حكايات أندنوسية (1) بين القائد الأعلى للجيش والقائد العام للأمن.

2 دقائق للقراءة

عندما تجلس بين القائد الأعلى للجيش، والقائد العام للأمن، ومن خلفك الجنرالات والقوات الخاصة، ومع وزير من وزراء الحكومة، ومع صفوة من قادة البلاد الروحيين والعلميين على رأسهم السيدين والعالمين الجليلين معروف أمين وسعيد عقيل سراج رئيسي أكبر جمعية في اندنوسيا وفي العالم (نهضة العلماء) ، وأمامك أكثر من خمسة عشر ألف من أبطال الفن الدفاعي الرسمي للبلاد (بنشاك سيلات) والمشرفون على باغارنوسا يترأسهم السيد نبيل هارون، وحين يجلس هؤلاء السادة الكبار في بلادهم على الأرض دون كراس فاخرة، وحين تسمع وترى وتشهد ذكر الصالحين والافتخار بالتصوف كطريقة وبالإسلام دينا، فاعلم أنك في بلاد فيها بركة كبرى وخير كبير.
وليس هذا المظهر العجيب إلا برهانا على روعة وعظمة الإسلام في تربيته وحضارته، وحجة على مقام التربية الصوفية الصافية والأخلاق النقية العالية، التي لا مجال فيها لغرور وتنطّع وصلف، كما نرى عند الكثير من العرب للأسف.
إن هؤلاء القوم تلقوا التربية على يد رجال الله حقا، وتوارث السند والسر فيهم رجال إلى اليوم، وفيهم طيبة ما رأيت مثلها، ومحبة ما شهدت لها نظيرا.
وإن الأمر كله يمضي إلى الكشف عن حقيقة أخرى مهمة: أن شعب أندونيسيا شعب عظيم حقا، فإن شعبا ينجب قادة جيش وأمن بهذه الروحانية العالية والابتسامة والمحبة والتواضع والانضباط، وعلماء وأهل تصوف بذلك العمق والفصاحة في لغتهم واللغة العربية أيضا، وشباب وشابات بتلك المعنوية والأخلاقية والمحبة الجارفة، مع ما حباهم الله به من بصيرة تستجلي بسرعة الضوء معادن الرجال، وتعطي لكل ذي مقام مقامه، إن شعبا مثل هذا، وقيادة روحية ودينية وعلمية وحكومية وعسكرية وأمنية وشبابية مثل هذه، لا يمكن إلا ان تبني حضارة عظيمة، ولا يمكن إلا أن ترسم وجها مشرقا لأوطانها، بل من المحال أن لا ترى بعد كل هذا بلدا آمنا قويا منيعا جامعا بكل اعتزار بين التطور العلمي وبين الأصالة الدينية، بين أخلاق الإسلام الحق والتصوف النقي، وبين المدنية في رقيها والحضارة في عزّها والتطور في اوجه.
حفظ الله أندنيسيا وقياداتها وشعبها، ووقاها ووقاهم كل شر، خاصة شر التكفيريين الحاقدين، ومن حالفهم ومن حالفوه، فمازلت أتقلب منذ زرتها بين عجيبة وأخرى، وأرى الكرامة تلو الكرامة، وخبري فيها طويل رغم قصر المدة، والحكايات كثيرة أقصها عليكم تباعا.