لن نترك الوطن وحيدا

2 دقائق للقراءة

رسالة إلى كل الشامتين ومرضى الأنفس

 

لقاءاتي بالرئيس  الباجي قائد السبسي لم تكن كثيرة، لكنها كانت عميقة في مواقيت مفصلية.

أذكر حين التقيته ضمن وفد المركز التونسي لدراسات الامن الشامل، في مقر حزب نداء تونس قبل الاتتخابات، ودار حديث حول البلاد وسبل حمايتها من الارهاب والاستراتيجيات الامثل لمواجهته، وقال لي وهو يصافحني مبتسما عندما غادرنا مكتبه: ركز لنا على الامور الأمنية. في إشارات لما نقوم به من دراسات وندوات ولقاءات اعلامية عضدنا بها المؤسستين الامنية والعسكرية في تلك المرحلة الخطيرة.

وضمن ندوة خصصت لدعمه من قبل بعض الاحزاب ذات الطابع القومي، كنت فيها كمفكر يقدم موقفه ورايه ودعمه، وذكرت في كلمتي عندما سألني احد الاصدقاء الصحفيين عن سبب جلوسي بجوار رؤساء الأحزاب وعن اي حزب امثله: انا امثل حزب اللطيف، اكبر وأقدم حزب في البلاد، والسيد الباجي ينتمي الينا، فقد انجبته امه في مقام سيدي ابو سعيد الباجي” ونظرت اليه وكان يهز براسه مبتسما، فقد ولد فعلا في ذلك المقام.

ليس شرطا على الرئيس ان يكون مصيبا في كل شيء، لكنه يقينا لم يكن مخطئا في كل شيء، ولم يكن كافرا عدوا للدين كما تصوره بعض الكتابات الساخطة التي بلغ ببعضها حد تكفيره ولعنه وطلب عدم الترحم عليه، في مظهر كريه من مظاهر التطرف والحقد الاعمى.

بل لقد ساهم في انقاذ البلاد من فتنة كبرى كانت ستتم، وأعطى توازنا سياسيا مهما عبر حزب نداء تونس، وكان مع التوافق وضد الاقصاء الى اخر لحظات حياته.

لم اكتب عنه عندما كان رئيسا، بل اني كتبت مقالا قاسيا اسمه ناقة صالح ردا على مشروع تم تقديمه يضرب الدين والمجتمع ويفتح الباب للشذوذ والفساد ضمن لجنة الحقوق والحريات، وقد تم رفضه، ولكني لا يمكن ان اصمت امام اصوات الحاقدين، ولا دعاة الفتنة، والشامتين، ومرضى الانفس والقلوب.

ان الموت قهر لله على خلقه، وكل نفس ستجرع من كأسه المرة، ولا عزاء لمن تلوث بالحقد قلبه، واصطبغ بالخبث لبّه. ولا ينبغي أمام فاجعة الموت سوى ان نقول خيرا او نصمت.

رحم الله محمد الباجي، انسانا افضى الى ربه، ورئيسا احبه شعبه، ولم يخن بلاده.

وحفظ الله البلاد التونسية من كل شر وفتنة، فهي تُقبل على مرحلة خطيرة، وتحديات كثيرة، ولكننا كأهل فكر وثقافة وكشخصيات وطنية وكمواطنين من أبناء هذا البلد الطيب، لن نترك مواقعنا، ولن نساهم إلا في مناعة الوطن ورقيّه، ولتونس مؤسسات قوية وأمن وجيش وأحرار وحرائر، لن يتركوا البلاد وحيدة.

 

سوسة 25/07/2019 19:09