بيان وتوضيح

5 دقائق للقراءة

 

الحمد لله الذي شرفنا بسيدنا محمد وبآل سيد محمد، وجعلنا على نهج سيدنا محمد وسنة سيد محمد، ورضي الله عن أصحاب الهمة والصدق في المهمة صحابة سيدنا محمد الكرام. وسلام على عباد الله الصالحين أهل الله وخاصته.

وبعد:

أود أن أوضح بعض النقاط بعجالة، حتى لا ينوب عني أحد في مواقفي، ولا يتم تأويل كلامي على غير ما رميت إليه وقصدته.

* أولا: “المنارة” مدرسة فكرية تجديدية، محمدية في أصولها، زيتونية في منبعها الديني والفقهي، لها نفح روحي صوفي، ممتزج بحب آل بيت النبي، ضمن المنهج السُّني السَّني النقي، الذي يحاور كل المذاهب الإسلامية، وجميع الديانات، تحت مظلة إنسانية جامعة.

*ثانيا: ليس ما نقدمه من معارف مستجدة وفهوم خضرية لدنية متفردة، ببدعة نفتن بها الناس، بل هي علوم كانت لدى أئمة آل البيت وأكابر الصالحين، ونفحات من رب العالمين الذي يفتح على من يشاء.

ولكن ذلك تحت بنود أكاديمية صارمة، ومناهج علمية واضحة، ورسوخ قدم وتمكن من علوم النقل والعقل. وهو ما أثبتناه ونثبته في الدروس والمحاضرات والتأملات والمقالات والكتب، ليتبين كل ذي لب، وليستبين كل ذي بصيرة.

*ثالثا: كلامنا عن الإمام المهدي عليه السلام، كلام له سند من حديث رسول الله، مما تواتر من سنته الشريفة، وليس بدعا من القول، وفيه بحث ناهز الثلاثين عاما في أمهات الكتب، وفيما ذكره أئمة أهل البيت، وعلماء الأمة عن هذه المسألة، ونميل للرؤية السنية حول شخص الإمام أي أنه سيولد زمن ظهوره، ولا نلزم من يرى غير ذلك ولا نلتزم برؤيته، ونترك الأمر لله يظهر الأحق.

ولكننا إذ بينا كلمة الحق عن هذا الإمام، وأضفنا بعض الفهوم الذاتية وما فتح الله به علينا، لا نروج لتنظيم، ولا نجلس في مقاعد الانتظار في كسل وعجر.

ولا أدعي أني هو كما قد يدعي علي بعضهم، ولا أدعي أني من السبعة المقربين أو أني ولي أو قطب، إنما أنا من جنود رسول الله ومن ذريته وخدمه، وكفى بذلك شرفا.

ولا وجود الآن للإمام أبدا، سواء كان مخفيا كما ترى الشيعة الإثناعشرية أو كان مولودا كما ترى المدرسة السنية، فلا وجود له ماديا مطلقا حتى يظهر، ولا يتم ظهوره على صفحات الفيسبوك وفي أحلام المتوهمين لذلك، بل هو شأن رباني يعلن عنه سيدنا جبريل كما ثبت عن رسول الله. فإن كان في زماننا وهو ما نرجوه فنحن نسعد ونتشرف، وإن لم يكن فهو كائن لا محالة في قادم الأعوام كما بين الله في كتابه عن وعد الآخرة، وكما بين رسول الله في صريح كلامه.

*رابعا: أنا أرى الأمة أمة واحدة تاريخا وحاضرا وامتدادا مكانيا، ولكني مؤمن بالخصوصية لكل عصر ولكل مصر من أمصارها.

ففيها البركات والنفحات والخيرات على امتداد أرضها وأوطانها وشاسع بلدانها، وفيها العلماء والعارفون والصالحون.

وإن تكلمت عن سر تونسي فذلك مما درج عليه أولياء وعلماء تونس وأفاضوا عن سر وبركة هذه البلاد المباركة، ويمكن النظر في كتاب “المؤنس في تاريخ تونس” وكتاب “الإتحاف” لفهم هذه المسائل.

ولكني أرى عددا كبيرا من الصفحات والتصريحات لمن لا علم لهم، ولعدد من الدجالين، أن المهدي تونسي، وهذه لعمري مؤامرة على تونس، واستجلاب لضغوطات من المهووسين من أتباع الهرمجدون وغيرهم.

ولكن الأولى أن نهتم بهذه البلاد برؤية واقعية وباستراتيجيات إصلاحية، سواء أظهر الله منها مهديا أو أظهر منها غيره من أهل الولاية والفضل، وليس ذلك بغريب عن بلاد أنجبت جحافل من الصالحين وحوى ترابها صفوة من صحابة سيد المرسلين، وهي بلاد القيروان رابع مدن الإسلام، وبلاد الزيتونة أول جامعة في العالم، وأم الأزهر والقرويين، وفضل علمائها على العالم كله فضل كبير معلوم، من أمثال سحنون وابن أبي زيد وابن خلدون وابن منظور وابن عرفة وابن عاشور وسواهم كثير.

*خامسا وأخيرا: لي علاقات مع عدد كبير جدا من العلماء في مجالات شتى، عبر أصقاع العالم، الذي جبت معظم دوله، وحاضرت فيها، ولقيت من لقيت من قادتها وأفذاذها.

وهذا الاحترام الذي أحظى به بفضل الله يرجع أساسا إلى الانضباط العلمي والرقي الأدبي والأخلاقي والإخلاص في القول والعمل.

ولكني لا أخوض مع الخائضين، ولا أقحم نفسي في الخلافات، بل أقول كلمة الحق بأدب وأدعو للم الشمل بين أبناء الأمة وأبناء الإنسانية، كما بينت في ميثاق المنارة.

ولا أسمح لأحد أن يقحمني فيما لا صلة لي به من إشكالات لا تفضها إلا الحكمة.

ومنهجي منهج المحبة لا الكراهية، منهج الواقعية والتميز والكد المعرفي الشاق الذي مكن لي من تأليف أكثر من مائتي كتاب في شتى فنون المعارف والآداب.

ولذلك وعلى سبيل الذكر، لا أرضى توظيف اسمي في مسألة تم النفخ فيها، فيما يتعلق بالعلامة الدكتور محمد عيسى داوود، والسيد محمود الشريف نقيب السادة الأشراف بمصر المحروسة.

فكلاهما أخ عزيز، ومعلوم أني شاركت الدكتور محمد عيسى داوود في حلقة كان لها أثرها، وأن الأخ العزيز محمد عيسى إبراهيم استضافني في حلقات تحت عنوان “المنارة”، وأن المحبة موصولة والمودة دائمة والتعاون قائم في الأطر المعرفية والقضايا الجامعة.

وكذلك استضافني السيد محمود الشريف في نقابة السادة الأشراف، واحتفى بي وأكرمني، صحبة أخي الشيخ الدكتور أحمد شحاتة الأزهري، والشيخ الدكتور حسام الدين الفرفور رئيس معهد الفتح الإسلامي  بالشام الحبيبة.

فهؤلاء جميعا أحبابنا في الله، وما يجمعنا كثير، وإن كان من خلاف أو اختلاف رؤية فالحل في الحوار الهادئ وحسن الظن، لا في النفخ على الجمر وإشعال الحرائق.

وأعلم وجود من يفعل ذلك متعمدا، وآخرون عن جهل أعمى، وسواهم عن حسن نية.

فهذا بياني ومقالي، ولا يجيب وينوب عني فيما أقول أحد.

وكل مواقفي وآرائي تؤخذ مني مباشرة، ومن أراد أن يجعل اسمي في أمر فعليه أن يطلب الإذن مني سلفا.

وهنالك من يتآمر بلا ريب، والله مخزيهم جميعا وغالبهم.

وهنالك من يحسن الظن، ومن يتبع دروسي ومنهجي، ولكني أطلب من جميع تلامذتي التحلي بالواقعية، هنا والآن، دون السقوط في متاهات التوهم والرجم بالغيب بلا بينة.

وأما الخط العلمي للمنارة فالدروس التي أقدمها، ويقدمها كل من الشيخ الدكتور أحمد شحاتة، والأستاذ ربيع الإدريسي، هي الدروس الرسمية، ويمكن إثراؤها ببعض الدورات التكوينية لمن نأذن لهم بذلك من أهل الكفاءة والتمكن من أبناء هذه المدرسة الفكرية الجامعة التي تنتشر الآن في مختلف بلدان العالم، وسيزداد انتشارها بعون الله لما فيها من علم نقي ومعين صاف وتمكن وتميز وجدارة.

والله من وراء القصد.

وكتب أبو علي مازن الشريف

سوسة 4 أكتوبر 2022