3 دقائق للقراءة
#هواك_بقلبي
صباح الخير.
للشعراء أحوال وللعشاق أحوال.
وحين يكون الشاعر عاشقا، أو العاشق شاعرا، فإن الأحوال تكون أشد.
ولربما عبر شاعر عن حال عاشق، أو احتاج عاشق لبيان شاعر.
الشعر والعشق صديقان يخدم أحدهما الآخر.
فالعشق يلهم الشعر ويأجج الشعور، والشعر يترجم العشق ويعلن ما في الصدور.
بل إن الشعر لترجمان الأشواق، ولسان العشاق.
وكم حفل الشعر العربي بقصائد العاشقين، تبث نجواهم، وتصف لواعجهم، وتبوح بسرهم، وتكشف خفي أمرهم. والعشاق على اختلاف تعيين الزمكان واحد، والمعشوقة على اختلاف الاسم واحد، لأن الأمر يتعلق بالرمز لا بالتعيين.. ليلى أو بثينة، عبلة أو هند، أو سلمى أو لبنى أو عفراء، كل تلك الأسماء التي ارتطبت بعشاق شعراء وصفوا الجمال واشتكوا عسر الحال، كلها ما هي في الشعر إلا امرأة واحدة، رمز للأنوثة والجمال والحياء، ولقوة الأنثى جسدا وروحا حين تستحكم في قلب عاشقها. إلى الشعراء العشاق، وإلى العشاق الشعراء، أهدي هذه الكلمات، في وصف ذلك الرمز الأزلي للجمال، معين الشعر والحب والخيال.
هَواكِ بِقَلبي عاصفٌ مُتأَجِّجُ
وطَرفُكِ يا رُوحي صَقيلٌ وأغنَجُ
وأنتِ كَمِثلِ النّارِ طَبعُكِ ثائرٌ
وعَجِبتُ مِنَ نارِ تَسيلُ وتُثلِجُ
سَباني غَزالٌ ناعِمٌ ذو مَلاحَةٍ
جميلٌ صَقيلُ الخدِّ أهيفُ أَدعَجُ
لَهُ وَجنتانِ وناظِرانِ وبَسمَةٌ
وَوَجهٌ مَليحٌ لِلمُتيَّمِ يُبهِجُ
وقَدٌّ كَعَودِ البانِ خَصرُهُ مائِسٌ
وصَدرٌ كَمَوجِ البحرِ فيهِ تَمَوُّجُ
عَزيزٌ على قَلبي فِراقُ خَريدةٍ
والخَودُ تَرسُمُ في الفُؤادِ وتَنسُجُ
فَيا مُتلفي شَغفًا وقاتِلي بالجَوى
حَنانيكَ فَالمُشتاقُ صَبرُهُ أَعرَجُ
والعاشقُ المَجنونُ ليسَ بِتائب
كَلّا ولكن في الصّبابةِ أَهوجُ
وعِندي لَدَيكِ مَوَدَّةٌ ومحبّةٌ
وإنّي إليكِ على البُعادِ لأَحوجُ
تونس ٧ ماي ٢٠٢٥
_______________________________________
طلبت من الصديق المخلص علامة الأدب والنقد والفنون ان يكتب مقالا نقديا عما كتبت، فكان هذا رده السريع جدا، والمربك حقيقة في سرعته ودقته، مما يهدد القدرة البشرية:
إليك مقالًا نقديًا أدبيًا عن النص الشعري والنثري للمفكر والشاعر مازن الشريف تحت عنوان #هواك_بقلبي:
—
بين العشق والحرف: قراءة نقدية في نصوص مازن الشريف #هواك_بقلبي
في نصّه الأدبي المزدوج، الذي يبدأ بمقدمة نثرية فلسفية وينتهي بقصيدة كلاسيكية عاطفية، يقدّم الشاعر والمفكر مازن الشريف لوحة متكاملة من التأمل في علاقة الشعر بالعشق، ومن التجلي الشعري الذي يصف محبوبًا قد يكون شخصًا، وقد يكون رمزًا للجمال المطلق.
النثر التأملي: فلسفة الحب في الشعر
في افتتاحية النص، يُقدّم الشريف تأملاً وجوديًا في صلة الشاعر بالعاشق، وهي علاقة قديمة بقدر ما هي ملتبسة. يؤكد أن العشق هو محرّك الإبداع الشعري، وأن الشعر هو الأداة التي يُفصح بها القلب عن مكنوناته التي تعجز اللغة العادية عن حملها.
> “وحين يكون الشاعر عاشقا، أو العاشق شاعرا، فإن الأحوال تكون أشد”
في هذه العبارة تكمن ذروة المفارقة: فالعاشق شاعر بالقوة، والشاعر عاشق بالفعل. النص النثري هنا ليس فقط مدخلاً إلى القصيدة، بل هو بيان فكري وشاعري في آنٍ واحد، يُعيد تعريف العلاقة بين المعنى والرمز، وبين المرأة ككائن بشري، والأنثى كرمز كوني للجمال والإلهام.
القصيدة: جمالية الشكل، وحرارة المضمون
القصيدة المرفقة تندرج ضمن تقاليد الشعر العربي الكلاسيكي، شكلاً ومضمونًا، من حيث الوزن والقافية والصور البلاغية. لكنها رغم محافظتها على الشكل، تحمل حرارة عاطفية معاصرة تلمس القارئ بصدقها وشفافيتها.
البيت الافتتاحي:
> هَواكِ بِقَلبي عاصفٌ مُتأَجِّجُ
وطَرفُكِ يا رُوحي صَقيلٌ وأغنَجُ
يوحي بتوتر داخلي بين العاطفة الكاسحة والجمال المحيِّر. نلاحظ مزجًا بين المفردات الكلاسيكية (“أغنج، صقيل، أهيف”) والتراكيب التي تثير صورًا حسّية مرهفة.
ثم يتصاعد النص في أوصافه الجمالية:
> وقَدٌّ كَعَودِ البانِ خَصرُهُ مائِسٌ
وصَدرٌ كَمَوجِ البحرِ فيهِ تَمَوُّجُ
هذه الصور لا تُعبر فقط عن جمال الجسد، بل عن تماوج الحالة النفسية للعاشق، الذي يرى محبوبته ككائن أسطوري يتجاوز الإدراك الحسي، ويتحول إلى حالة شعورية.
في البنية النفسية للنص، تبرز مفارقة العاشق المجنون الذي لا يريد شفاء:
> والعاشقُ المَجنونُ ليسَ بِتائب
كَلّا ولكن في الصّبابةِ أَهوجُ
هذا البيت يستعيد أثر مجنون ليلى، ويُحاكي تجربة العشق الوجداني الذي لا يُبتغى منه خلاص، بل تُطلب لذته في الألم.
البعد الرمزي: المعشوقة كمفهوم
مازن الشريف لا يكتب عن امرأة بعينها. هو يُجسّد الأنثى الشعرية، تلك التي وُجدت لتكون “معين الشعر والحب والخيال”، كما وصفها في ختام النص النثري. وهذا يُذكّرنا بما فعله كثير من شعراء الحب الإلهي والصوفي، حين حوّلوا المرأة من جسد إلى فكرة، ومن شخص إلى رمز.
في الختام
ما بين التأمل الفلسفي والتعبير العاطفي، يقدم مازن الشريف نصًا غنيًا يُخاطب الذهن والقلب معًا. فيه من التراث ما يُشعر القارئ بالانتماء، ومن الصدق العاطفي ما يمنحه فرادة ودفئًا. إنه نص يُكرّس الحب كقوة ميتافيزيقية، ويُحيي الشعر بوصفه لسان هذا الحب.
—
شكرا ChatGPT