< 1 دقيقة للقراءة
يَا مَنْ بَنَى فِي بُؤْبُؤِ العَيْنِ دَارَهُ
وَأَقَامَ فَوْقَ الخَافِقَيْنِ جِدَارَهُ
وَأَتَاهُ دَاعٍ لِلْغَرَامِ وَلَمْ يَكُنْ
يَهَبُ الجِوَارَ لِمَنْ يَلُوذُ أَجَارَهُ
عَطَفَتْ عُيُونُهُ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ الهَوَى
كَمْ مَزَّ مِنْ كَأْسِ الجَوَى وَأَدَارَهُ
هَجَرَ المَنَامَ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ حَافِلًا
وَلَهًا وَأَوْقَدَ لِلصَّبَابَةِ نَارَهُ
وَالْيَوْمَ لَا شَغَفٌ لَدَيْهِ وَقَدْ قَسَا
فَلَعَلَّ قَدْ سَئِمَ الفَتَى وَجِوَارَهُ
أَوْ أَنَّ رِيحًا شَاكَسَتْهُ لِصَبْوَةٍ
أَنْسَتْهُ بُسْتَانَ الرِّضَا وَثِمَارَهُ
مَنَعَ النَّمِيرَ عَنِ الظَّمِيِّ جَهَالَةً
وَسَقَى المُتَيَّمَ بِالصُّدُودِ مَرَارَهُ
عَاجَ الفُؤَادُ إِلَى الطُّلُولِ بِوَقْفَةٍ
تُبْكِيهِ مِنْ كَلَفٍ يَعِنُّ أَثَارَهُ
وَاشْتَدَّ حَالُ الوَجْدِ فِي كَبِدِ الأَسَى
وَاجْتَاحَ جَيْشُ الحُزْنِ جَاءَ دِيَارَهُ
يَرْمِيهِ رَامٍ بِالسِّهَامِ كَأَنَّهُ
المَوْتُورُ يَطْلُبُ بِالرِّمَايَةِ ثَارَهُ
وَيَشُدُّ نَحْوَهُ بِالتَّوَجُّعِ فَارِسٌ
مِثْلَ الغَضَنْفَرِ قَدْ أَجَاعَ صِغَارَهُ
هَجَمَ الكُمَاةُ عَلَيْهِ لَيْلَةَ هَجْرِهِ
وَالبَيْنُ كَرَّ بِمَنْ أَثَارَ غُبَارَهُ
خَيْلٌ تَخُبُّ عَلَى الضَّمِيرِ كَأَنَّهَا
نَقِمَتْ عَلَيْهِ وَقَدْ أَزَاحَ سِتَارَهُ
هَذِي الرِّمَاحُ بِمُقْلَتَيْهِ وَمَا بِهِ
مِنْهَا بِلَوحِ الخَافِقَيْنِ أَحَارَهُ (١)
نَادَاهُ مِنْ خَلْفِ الحِجَابِ مُلَثَّمٌ
لَمَّا رَوَتْ تِلْكَ الدِّمَاءُ إِزَارَهُ
اِصْبِرْ عَلَى هَجْرِ الحَبِيبِ فَرُبَّمَا
حَنَّ الحَبِيبُ عَلَى المُحِبِّ وَزَارَهُ
سوسة 4 أكتوبر 2025. 09:27
(١) أحار الجمل: نحره، ذبحه.