< 1 دقيقة للقراءة
#لم_يعرف_الحب
✦ معارضة لرائعة ابن زُريق البغدادي ✦
“لا تَعذِلِيهِ فَإِنَّ العَذْلَ يُولِعُهُ
قَد قُلتِ حَقًّا وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جَاوَزتِ فِي نُصحِهِ حَدًّا أَضَرَّ بِهِ
مِن حَيثُ قَدَّرتِ أَنَّ النُّصحَ يَنفَعُهُ (١)
يَأتِي إِلَى الوَصلِ ظَمانًا وَمُبتَهِلًا
لَكِن صَدُّكِ دُونَ الوَصلِ يَمنَعُهُ
يَشكُو إِلَى الطَّيرِ مِن آلامِ وِحدَتِهِ
يَبكِي لَهُ الغُصنُ لَيتَ الدَّمعَ يَنفَعُهُ
يَسرِي مَعَ الفَجرِ وَالأَحلامُ غافِيَةٌ
يَستَمطِرُ الغَيمَ كَم يَمضِي فَيَتبَعُهُ
لَم يَعرِفِ الحُبَّ إِلَّا وَالعَذابُ بِهِ
لا يُدرِكُ الصَّبرَ حِينَ الشَّوقُ يُوجِعُهُ
أَنَّى لَهُ وَعُيُونُ اللَّيلِ نَائِمَةٌ
حُضنٌ مِنَ اللِّينِ هُدبُ العَينِ مَخدَعُهُ
لا يَستَوِي فِي ضِرامِ الوَجدِ ذُو وَلَهٍ
جَمُّ الصَّباباتِ كَفُّ العِشقِ تَصرَعُهُ
وَالنَّائِمُ الجَفنَ صَلدُ القَلبِ مُوصَدُهُ
أَو ضاحِكُ السِّنِّ وَالأَيّامُ تَخدَعُهُ
إِنِّي رَأَيتُ سُيوفَ التَّيمِ لَيسَ لَها
إلّا المُتَيَّمُ يُدنِيهَا فَتَرفَعُهُ
لا يَعرِفُ الصَّبَّ إِلَّا الصَّبُّ تَعرِفُهُ
مِن نَظرَةِ العَينِ يُخفِي وَهيَ تَمنَعُهُ
“قَد كانَ مُضطَلِعًا بِالخَطبِ يَحمِلُهُ
فَضُيِّقَت بِخُطُوبِ الدَّهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَّشتِيتِ أَنَّ لَهُ
مِنَ النَّوى كُلَّ يَومٍ ما يُرَوِّعُهُ (٢)
يَنْأى الَّذِي سَكَنَتْ فِي الرُّوحِ نَظْرَتُهُ
وَالسِّحْرُ مُقْلَتُهُ كَمْ ذَا يُلَوِّعُهُ
طُوبَى لِمَنْ هَدَأَتْ فِي العَيْنِ دَمْعَتُهُ
لَهْفَ الَّذِي انْهَمَرَتْ فِي الخَدِّ أَدْمُعُهُ
مُسْتَوْحِشٌ وَظُنُونُ النَّاسِ تَظْلِمُهُ
مُسْتَأْنِسُ القَلْبِ بِالأَشْعَارِ تُـمْتِعُهُ
“ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ
رَأيٌ إِلَى سَفَرٍ بِالعَزمِ يُزمِعُهُ
كَأَنَّمَا هو فِي حِلٍّ وَمُرتَحَلٍ
مُوَكَّلٌ بِفَضاءِ اللهِ يَذرَعُهُ (٣)
—
(١) مطلع قصيدة ابن رزيق البغدادي (ت 420 هـ)
(٢) (٣) من نفس القصيدة
سوسة 23 سبتمبر 2025. 11:11