2 دقائق للقراءة
معارضة للقسم الغزلي من رائعة المتنبي
وَفاؤُكُما كَالرَبعِ أَشجاهُ طاسِمُهْ
بِأَن تُسعِدا وَالدَمعُ أَشفاهُ ساجِمُهْ
والتي مدح بها سيف الدولة مستهلا بالطلل والغزل.
وهي من أعظم ما قيل في الشعر.
وقد اخترت بعض الأبيات ضمنتها في قصيدتي.
أَلا طالَ هذا اللَّيلُ واعتَلَّ قائِمُهْ
وَهَبَّت على صَدرِ العَليلِ نَسائِمُهْ
وصارَ الكَرى يَنأى كَنأيِ نَهارِهِ
لا لَيلَ مذْ حَلَّ النَّوى أَنا نائِمُهْ
وأَبيتُ حَيرَانَ الخَواطِرِ مُثخَنًا
بِصَدرٍ شَديدِ الحُزنِ بلْ هو دائِمُهْ
وَقَفتُ لَدى العَرصاتِ بَعدَ رَحيلِهم
والقَلبُ هُدَّتْ بِالفِراقِ عَزائِمُهْ
وإني لَدى التِّذكارِ عِندَ خِيامِهِمْ
رَضيعٌ ولم تُنزَعْ عَلَيهِ تَمائِمُهْ
أَلا فاسأَلِ الأطلالَ عَن زَمنِ الصِّبا
ورُبُوعِ حَيّهِ إِذْ تُصَانُ كَرائِمُهْ
وُقُوفِي عَلَى طَلَلِ الَّذينَ أُحِبُّهُم
كوُقُوفِ مَن غَلَبَتْ عَلَيهِ هَزائِمُهْ
“وَما أَنا إِلّا عاشِقٌ كُلُّ عاشِقٍ
أَعَقُّ خَليلَيهِ الصَّفِيَّينِ لائِمُهْ”
يُحَيِّرُهُ التَّهيامُ يَخنُقُهُ الأَسَى
بُعدُ الَّذي يَهواهُ لَيسَ يُلائِمُهْ
والشَّوقُ كَاللَّيثِ الهَزَبرِ إذا ارتمى
قد ماتَ مَن وَقَفَتْ عَلَيهِ قَوائِمُهْ
نَادَيتُ عِندَ الظَّعنِ ظاعِنَةَ الظِّبا
والحُبُّ ناحَتْ في الفُؤادِ حَمائِمُهْ
“سَقاكِ وَحَيّانا بِكِ اللَهُ إِنَّما
عَلى العيسِ نورٌ والخُدورُ كَمائِمُهْ”
أَلا طالَ لَيلٌ قَد طَوَى النَّجمَ مُعتِمَا
والبَدرُ أَرسَلَ لِلظَّلامِ يُساوِمُهْ
عَزيزٌ على الإصباحِ مُنطَمِسُ الدُّجى
لا ضَوءَ في غَبَشِ القَتًامِ يُقاوِمُهْ
وحُسنُ الَّذي أَهوى يُهٍيجُ صَبابَتي
فلا هوَ قَد أَعطى ولا أَنا حارِمُهْ
وبيني وبَينَهُ في المَحبَّةِ والجَوى
لُغزٌ قَديمٌ لا تُفَكُّ طَلاسِمُهْ
رَقيقٌ نَقيٌّ مائِسُ الخَصرِ إنْ مَشى
بِقَدٍّ كغُصنِ البانِ بل هوَ راسِمُهْ
“حَبيبٌ كَأَنَّ الحُسنَ كانَ يُحِبُّهُ
فَآثَرَهُ أَو جارَ في الحُسنِ قاسِمُهْ”
ضَحوكٌ فَتِيٌّ مُشرِقُ الوَجهِ بالرِّضا
مَليحٌ نَديٌّ مونِعُ الخَدِّ ناعِمُهْ
عَنيدٌ حَيِيٌّ ناعِسُ الجَفنِ كُلَّما
نَظَرَتْ عُيُونُهُ لِلفَتى فَهوَ غانِمُهْ
غَدَوتُ بِما فَعَلَ الصَّفيُّ وَما رَمى
كغَريقٍ يَمٍّ والرِّياحُ تُلاطِمُهْ
وكَم يَعتَريني في غَرامِهِ ما نَما
مِن حالِ وَجدٍ فَهوَ لِلوَجدِ خاتِمُهْ
وكم يَبتَليني بالوُقوفِ مُتَمتِمَا
“وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّربِ خاتَمُهْ”
وكَم بِتُّ مَوجوعَ الفُؤادِ مُتَيَّمَا
غُصنًا تُمَزَّقُ بالغَرامِ بَراعِمُهْ
مَن كانَ يَقدِرُ أن يُميتَ تَبَسُّمَا
هل مِن مُحِبٍّ في الوَرى هوَ راحِمُهْ
“قِفي تَغرَمِ الأُولى مِنَ اللَّحظِ مُهجَتي
بِثانِيَةٍ والمُتلِفُ الشَّيءَ غارِمُهْ”
ولا تَعجَليني في الوِصالِ فإنَّما
قَد أَتلَفَ الإحساسَ تَيمٌ يُلازِمُهْ
فللعَينِ أن تُدنِي ولِلَّحظِ أن يَرى
ولِلقَلبِ أن يَختارَ ما هوَ رائِمُهْ
ولِلجِسمِ أن تَأتيهِ باللَّمسِ مُقلَتَا
شَغوفٍ لَهوفٍ نازِفِ الكَفِّ عاكِمُهْ
وحَقِّكِ ما في النَّفسِ يا ظَبيَةَ الرُّبى
سِوى حَسرَةٍ أزرَت بِقَلبٍ تُنادِمُهْ
تُسَقِِّيهِ مِن كَأسِ النَّدامَةِ والشَّقا
وتُريهِ أَحوالَ الهَوى وتُحاكِمُهْ
فما استعذَبَتْ نَفسي اللِّقاءَ وبعدَهُ
حِمامُ فِراقٍ لا تَرقُّ مَحاكِمُهْ
“وَما اِستَغرَبَتْ عَيني فِراقًا رَأَيتُهُ
ولا عَلَّمَتني غَيرَ ما القَلبُ عالِمُهْ”
—
سوسة، ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٥ – 07:03