3 دقائق للقراءة
عندما أحدثك عن الداء، تنكر عليّ وتقول يبالغ أو يدعي.
وعندما أريك دليلا على ذلك الداء، وأصف لك خلاصة الدواء، وأقدم لك عينة من الوباء، لعلننا ننتبه لخطره الساري، وضرره الضاري، تقول لي: هي فتنة ملعون من أيقظها.
وحين أقول لك إنها فتنة متيقظة مستمرة لم تنم أبدا، وأن ما شجر من قبل أثر في مستقبل الأمة منذ لحظة السقيفة، تقول لي: تلك أمة قد خلت.
ولما أبين حقيقة عن صحابي ما، تغضب وتقول اني أعدم نفسي، وأن عندي لوثة التشيع، كأنك أعلم مني، أو دافعت عن السنة أكثر مني، أو وقفت كما وقفت في وجه الفكر التكفيري، دفاعا عن البلاد وفكرها وعن تونس وزيتونتها وعن أهل الله الصالحين والسادة الأشراف بما لم تفعل ولن تفعل، حين كان الخطر داهما، ومعظم الناس واهما.
وعندما أذكر ما كان مني، تقول كان ذلك حين كنت منا، والآن انقلبت وصرت ملوثا بالرفض داعيا للتشيع ممارسا للتقية، كأنك لا تعلم أني من أفصح الناس لسانا وأقواهم بيانا وأثبتهم جَنانا وأظهرهم برهانا، وأنه لا لوث في قلبي ولا فكري، بل في من يوالي من أجرم، ويستميت في الدفاع عمن أخطأ، ويوافق على ما لم يوافق عليه رسول الله، ويقف مع من خالفوا أمره، ويرضى أن يكون والدا النبي وعمه في النار، وأن يكون النبي جاهلا بالنخل مرة، ضعيف رأي مرة، يخشى من بعض أصحابه، ويرتعد امام إحدى زوجاته، ويهم بالانتحار، ويظن لستة أشهر أنه يأتي الأمر ولا يأتيه، ويقول الكلام ولا يقوله، من أثر السحر. بل لا تخجل من “ثوبي يا حجر” ونبي الله موسى عاريا، والقردة الزانية، وإبراهيم يعطي زوجته للنمرود، والله يكشف عن ساقه، وعدد كبير جدا من الاسرائيليات التي تؤمن أن الكتاب الذي يحويها أصح كتاب بعد القرآن، ولا تجد الشجاعة لمجرد المراجعة.
ولما اذكر أن كتب الحديث مصدر للتجسيم، غذته بأباطيل من نفث بني إسرائيل، وأبين لك من كان تلميذا لهم، فقد ثبت اخذ أبي هريرة مثلا عن كعب الأحبار ووهب بن المنبه، وأن السيدة عائشة قالت عنه في غير مرة أن يكذب، تصاب بالجنون غيرة على الصحابة، وشرف الصحابة، ومكانة الصحابة، وعدالة الصحابة، قداسة الصحابة….
طيب سعد بن عبادة الذي اغتالوه لم يكن من سادة الصحابة، وتقبل ان الجن قتلته بالعين في الخلاء وقال قائل منهم: إنا قتلنا سعدا بن عبادة…رميناه بسهم فمزق فؤاده.
ومحمد بن أبي بكر ألم يكن خال المؤمنين، شقيق أم المؤمنين، ابن أمير المؤمنين وخليفة رسول الله وأقرب إنسان إليه كما تزعمون، فلماذا لا تدافعون عنه حين أحرقه خال المؤمنين وكاتب الوحي وابن الطاهرة لائكة الأكباد وصاحبة الراية الحمراء ببطن مكة حرقا في حمار ميت، ونفذ ذاك ابن صاحبة راية حمراء أيضا، وحين فجعوا به قلب أم المؤمنين عائشة وأتوها بشواء خروف وقالوا شوينا أخاك هكذا، وحين قتل خالكم وكاتب الوعي بزعمكم اخاها عبد الرحمن بالسم ثم قتلها بحفرة أو سم على اختلاف الروايات.
ومالك بن نويرة ألم يكن من أكابر الصحابة، لماذا رضيتم قتله وحرق وجهه واغتصاب امرأته من سيفكم المسلول الذي قال عمرو بن العاص ما اجتمعت أنا وخالد إلا على كره علي!!
والسيدة فاطمة أين أنتم من دموعها، والإمام علي أين أنتم من وصية النبي له، ومن كتاب لو كتبه النبي ما كنا لنظل أبدا، فمن منعه، ومن اتهمه بالهذيان ودخل مع جمع مدججين بالسلاح قبل وفاته بثلاثة أيام وقد أمروا بالالتحاق بجيش اسامة وقال النبي لعن الله من تخلف عنه.
وأين أنتم ممن سمم سبط النبي الذي كان يحبه، وممن قتل شقيقه محبوب رسول الله. فلذة كبده.
وعندما أنطق بقليل من كثير أعلمه، يوجعكم الحق الذي تكتمون، وتأخذكم حمية المذهب، وعناد التعصب، فيسب بعضكم، ويتهم آخرون.
وحين أقول: هذه العقيدة الفاسدة التي توالونها في الجوهر ولو خالفتم في الفروع كخلاف الأشاعرة مع المجسمة، هي عقيدة خطيرة، ومنبع الإرهاب ومصدر الخراب، تلوي يا هذا رأسك وتقول: هناك مشاكل أهم، ومخاطر أعم.
فماذا تريد تحديدا؟!
أن يستمر الباطل، ولا نقول عنه حرفا!!
أن يُحارب الحق، ولا ننصره بكلمة!
أن أصمت لأجل مصلحة المذهب والطائفة لأن كلامي قد يخدم مذهبا منافسا وطائفة أخرى تراها معادية، حتى وإن كان ما أقوله هو الحق ومن مصادرنا وكتبنا!!
هذا يا عزيزي هو النفاق عينه، وأنت بهذا خادم للباطل، أسير للهوى، جاحد للحق، موال لأعدائه، معاد لأهله، أو مضطرب لا تدري اين يهوي بك سوء ظنك، وفساد رأيك.
دعنا إذا، واصمت، وأخبر من يلمز أو يهمز أو يدعي القدرة على الرد أن يصمت، فإنكم لا تطيقون حربنا، ولا تقدرون على مناظرتنا، ولا تملكون إرثنا من جدنا، فلو ملكتم منه نفحة، لسلمتم لنا، لأن الحق لا يجادل الحق.
وها أنا أغلق، ولو لبرهة، هذا الباب، غير خائف ولا مرتاب، ولكني أقسم بالله لأفضحن الباطل، ولأنصرن الحق، ولأقيمنّ الحجة، حتى يظهر الحجة.
وإن صمت عن أمور الخلاف، ففي نشر العلم الحق كفاية وزيادة.
وسأقفل هذا المبحث إلى حين….