وما عجبي سواك

2 دقائق للقراءة

مُعارَضَة لِرائِعَةِ البَهاء زُهَير (١) الَّتي مَطلَعُها:
عَرَفَ الحَبيبُ مَكانَهُ فَتَدَلَّلا
وَقَنِعتُ مِنهُ بِمَوعِدٍ فَتَعَلَّلا
وَكُلُّ بَيتٍ بَينَ عَلامَتَي تَنصيصٍ هُوَ مِن قَصيدَتِهِ.

 

“عَرَفَ الحَبيبُ مَكانَهُ فَتَدَلَّلا
وَقَنِعتُ مِنهُ بِمَوعِدٍ فَتَعَلَّلا”

وأماتَني قَبلَ اللِّقاءِ صَبابَةً
ما كُنتُ أَملِكُ في الغَرامِ تَحَمُّلَا

ومَضى الزَّمانُ بِبَينا مِن بَينِنا
أَعطى الوِصالَ تَفَضُّلًا وَتَبَدَّلَا

ما عادَ يَجمَعُنا الهَوى في كَفِّهِ
ذاكَ المُدامُ الصِّرفُ أَضحى حَنظَلَا

فمَضى الَّذي ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّهُ
يَمضي وَبِتُّ اللَّيلَ فيهِ مُأمِّلَا

“وَأَتى الرَّسولُ وَلَم أَجِد في وَجهِهِ
بِشراً كَما قَد كُنتُ أُعهَدُ أَوَّلَا”

قُلتُ السَّلامُ فَقالَ أَينَ وَجَدتَهُ
فَلَقَد لَقِيتَ مِنَ الصَّبابَةِ مَقتَلَا

قُلتُ الحَبيبُ فَقالَ أَرسَلَ رُمحَهُ
في الخافِقَينِ لِكَي يَراكَ مُجَندَلَا

“فَقَطَعتُ يَومي كُلَّهُ مُتَفَكِّراً
وَسَهِرتُ لَيلي كُلَّهُ مُتَمَملِمَلَا”

أَوَلَيسَ مَن طَلَبَ الذُّرى وَأَنَلتُهُ
فَأَنالَني وَجهَ الثَّرى مُتَفَضِّلَا

أَوَلَستُ مَن صَدَقَ الجَوى وَأَطاعَهُ
صَبرًا يَزيدُ مَعَ الجَفاءِ تَجَمُّلَا

دَومًا أُقَرِّبُهُ فيُعرِضُ قَلبُهُ
ويَصُدُّ مُمتَعِضًا وَيُعرِضُ مُقبِلَا

“أَبَداً يَرى بُعدي وَأَطلُبُ قُربَهُ
وَلَو أَنَّني جارٌ لَهُ لَتَحَوَّلَا”

قَد رَمتُهُ وَالأَصلُ يَجذِبُ بَعضَهُ
لَكِنَّهُ رَضِيَ القِلى مُتَبَدِّلَا

وقَصَدتُهُ وَالمَوجُ يَقصِدُ شَطَّهُ
شَطَّ الَّذي قَصَدَ المُتَيَّمُ لِلفَلَا

ورَمَقتُهُ وَالعَينُ تُبصِرُ حُسنَهُ
فَرَمى السِّهامَ تَبَغدُدًا وَتَدَلُّلَا

“وَعَلِقتُهُ كَالغُصنِ أَسمَرَ أَهيَفاً
وَعَشِقتُهُ كَالظَبِيِ أَحوَرَ أَكحَلَا”

ما مِن وِصالٍ في غَرامِهِ ذُقتُهُ
إلَّا وأَعقَبَهُ البِعادُ وَكَم صَلَا

يا مُوجِعي بِالهَجرِ إنَّكَ مُتلِفي
هَلَّا رَحِمتَ فَقَد رَمَيتَني في البَلَا

أَبليتَني شَغَفًا وَرُحتَ صَدَدتَني
وتَرَكتَني حافِيَ الخُطى مُتَوَسِّلَا

وظَلَمتَني ظُلمًا نَسيتُ لِهَولِهِ
طَعمَ الوِصالِ وَكَم سُقِيتُهُ مُرسَلَا

وبَسَطتُ كَفّي نَحوَ كَفِّكَ مُعلِنًا
أَنّي أُحِبُّكَ غَيرَ أَنَّكَ قُلتَ لَا

عَجَبًا وَما عَجَبي سِوى أَنّي امرُؤٌ
شَهِدَ الجَمالَ بِناظِرَيكَ قَدِ انْجَلَى

عَجَبًا وَما عَجَبي سِواكَ وَإِنَّني
أَفنَيتُ زَهرَ العُمرِ في طَلَبِ العُلَا

“عَجَباً لِقَلبٍ ماخَلا مِن لَوعَةٍ
أَبَداً يَحِنُّ إِلى زَمانٍ قَد خَلَا”

يا أَيُّها النّائي وَحُبُّكَ في دَمي
خُذ بَهجَةَ الأَيّامِ مِن كَبَدِ البِلَا

وخُذ الَّذي أَبقَيتَ في كَبِدي فَمَا
أَوهى العُهودَ إِذا تَرَكتَها مُهمِلَا

سوسة ٢ أُكتوبَر ٢٠٢٥. ١٨:٣٩
(١) زُهَيرُ بنُ مُحَمَّد بنِ عليّ المُهلَّبي العَتَكي، المَعرُوفُ بِبَهاءِ الدِّين (٥٨١ هـ / ١١٨٥ م – ٦٥٦ هـ / ١٢٥٨ م)، شاعرٌ وكاتِبٌ مِن أَبرَزِ أُدَباءِ العَصرِ الأَيّوبيّين. لَهُ جَزالةُ شِعرٍ عَظيمةٌ وَعُذوبةٌ رَقراقةٌ رائِعة، وَكُنتُ حَفِظتُ مِن قَصائِدِهِ أَيّامَ الصِّبا.

منشورات ذات صلة

ورقاء
  مِنْ بَدِيعِ مَا قَرَأْتُ لِهَارُونَ بْنِ الْمُعْتَصِمِ الْعَبَّاسِيِّ: مَا كُنْتُ أَعْرِفُ مَا فِي الْبَيْنِ مِنْ حُرَقٍ حَتَّى تَنَادَوْا بِأَنْ قَدْ جِيءَ بِالسُّفُنِ قَامَتْ...
< 1 دقيقة للقراءة
عندلة
  قَصِيدَةٌ تَحْتَاجُ شَرْحًا لُغَوِيًّا مُطَوَّلًا، ضَمَّنْتُ فِيهَا أَبْيَاتًا لِامْرِئِ الْقَيْسِ، وَبَيْتًا لِعَنْتَرَةَ، وَجُزْءًا مِنْ بَيْتٍ لِأَبِي تَمَّامٍ. أَتْرُكُكُمْ لِفَهْمِ مَعَانِيهَا وَتَضْمِينَاتِهَا وَمَضَامِينِهَا، وَنَشْرَحُهَا...
3 دقائق للقراءة
صرت بالتهيام عبدك
معارضة لرائعة الأخطل الصغير، بشارة الخوري (١) : عِشْ أَنْتَ إني مِتُ بَعْدَكْ وَأَطِلْ إِلَى مَا شِئْتَ صَدَّكْ التي لحنها وغناها الموسيقار فريد الأطرش...
2 دقائق للقراءة
في أسوار قرطبة
#في_أسوار_قرطبة مُعارَضةٌ لِرائِعَةِ ابنِ زَيدون (١) الخالِدَة «أضحى التَنائي» الّتي تُعتَبَرُ مِن أَروَعِ ما قِيلَ في الغَزَلِ، بَل كانَت أَفضَلَ غزلية في رُبوع الأَندَلُس.....
3 دقائق للقراءة
ألا طال هذا الليل
  معارضة للقسم الغزلي من  رائعة المتنبي وَفاؤُكُما كَالرَبعِ أَشجاهُ طاسِمُهْ بِأَن تُسعِدا وَالدَمعُ أَشفاهُ ساجِمُهْ والتي مدح بها سيف الدولة مستهلا بالطلل والغزل....
2 دقائق للقراءة
صنعت بك الأحداق
  مُعارَضَةٌ لِرائِعَةِ الشّابِّ الظّريفِ (١) ذائِعَةِ الصِّيتِ لا تُخْفِ ما صَنَعَتْ بِكَ الأَشْواقُ وَاشْرَحْ هَواكَ فَكُلُّنَا عُشَّاقُ وقد قُمْتُ بِتَضْمِينِ شَيْءٍ مِنْ قَصيدَتِهِ...
2 دقائق للقراءة
عناق اليائسين
مُعارَضَةٌ لِرائِعَةِ عَنترَةَ بنِ شَدّاد: “أَتانِي طَيفُ عَبلَةَ” الّتي اِشتَهَرَت في الآفاق. وقدِ اخترتُ عَدَدًا مِن أَبياتِ القَصيدَةِ فَجَعَلتُ كُلَّ بَيتٍ مُقَسَّمًا إِلى بَيتَين،...
< 1 دقيقة للقراءة
ستنالها المقل
مُعارَضَةٌ لِرائِعَةِ إِلْياس أَبو شَبكَةَ الَّتي مَطْلَعُها: أَيَحِقُّ لي في غَيرِها الغَزَلُ وَعَلى فَمي مِن قَلبِها قُبَلُ وَلَقَدِ اسْتَخْدَمْتُ كُلَّ صُدورِ أَبْياتِ قَصيدَتِهِ. —...
< 1 دقيقة للقراءة
لم يعرف الحب
#لم_يعرف_الحب ✦ معارضة لرائعة ابن زُريق البغدادي ✦ “لا تَعذِلِيهِ فَإِنَّ العَذْلَ يُولِعُهُ قَد قُلتِ حَقًّا وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ جَاوَزتِ فِي نُصحِهِ حَدًّا أَضَرَّ...
< 1 دقيقة للقراءة
عيناك
معارضة لرائعة صفي الدين الحلي. كُفِّي القِتالَ وَفُكِّي قَيْدَ أَسراكِ يَكفيكِ ما فَعَلَتْ بِالنّاسِ عَيْناكِ (١) قَد أَوْرَثَتْكِ سَوادَ الشَّعْرِ فاتِنَةٌ وَحَيَّرَ البِيضَ ما...
< 1 دقيقة للقراءة