< 1 دقيقة للقراءة
كُنتُ أَجلِسُ عَلَى قَارِعَةِ طَرِيقٍ، يَمرُّ بِي النَّاسُ وَلَا يَرَونَنِي.
مَرَّت غَيْمَةٌ غَيرَ بَعِيدٍ، قَالَت: مَا الَّذِي يُجلِسُ الرَّجُلَ عَلَى القَارِعَةِ؟
قُلتُ: انْتِظَارُ القَارِعَةِ.
قَالَت: أَوَقَرِيبٌ هِيَ؟!
قُلتُ: أَنتِ أَعلَمُ، فَأَنتِ ابْنَةُ السَّمَاءِ، وَأَنَا مِن رَمِيمِ الأَرضِ.
قَالَت: بَل أَنتَ مِنِّي بِهَا أَعلَمُ، لِأَنَّ رُوحَكَ مِن سَمَاءٍ أَعلَى، وَأَنتَ بِالعِلمِ مِنِّي أَوْلَى.
ضَحِكَت شَجَرَةٌ عَجُوزٌ، وَابتَسَمَتِ الرِّيحُ.
اِحتَفَظَتِ الأَرضُ بِصَمتِهَا، وَكَتَمَت صَوتَ زِلزَالِهَا وَثَورَةَ بَرَاكِينِهَا، حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهَا هَامِدَةٌ، وَأَن لَا شَيءَ يَعتَمِلُ فِيهَا.
أَمَّا السَّمَاءُ فَقَد كَانَت زُرقَتُهَا الصَّافِيَةُ مُخَادِعَةً جِدًّا، فَخَلفَهَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، وَحُلكَةٌ مُطبِقَةٌ، وَجَيشٌ عَرمَرِمٌ، وَآيَاتٌ سَتَنزِلُ حَتمًا فِي وَقتِهَا.
مَرَّتِ الغَمَامَةُ، وَمَكَثْتُ قَلِيلًا عَلَى القَارِعَةِ، لَا يَنتَبِهُ إِلَيَّ أَحَدٌ، وَصَوتُ مُقرِئٍ يَتلُو فِي صَدرِي بِخُشُوعٍ: ﷽
﴿ٱلۡقَارِعَةُ ١ مَا ٱلۡقَارِعَةُ ٢ وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡقَارِعَةُ ٣ یَوۡمَ یَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلۡفَرَاشِ ٱلۡمَبۡثُوثِ ٤ وَتَكُونُ ٱلۡجِبَالُ كَٱلۡعِهۡنِ ٱلۡمَنفُوشِ ٥﴾