3 دقائق للقراءة
صباح الخير.
سأقولها بوضوح: الحرب قد لا تعالج إلا بالحرب، ومن تهاون اضمحل، ومن خاف آل إلى الزوال.
فقد قال عنترة بن شداد:
وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِما
وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلِ
والحق سبحانه قال: ﴿ٱلشَّهۡرُ ٱلۡحَرَامُ بِٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡحُرُمَـٰتُ قِصَاصࣱۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَٱعۡتَدُوا۟ عَلَیۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [البقرة ١٩٤]
وهي من الآيات الحربية العظيمة في كتاب الله التي تجسد معاني الردع وقوة الرد الذي إن لم يكن تجاسر العدو وطغى وتحطمت المعنويات وتزعزعت قيمة القائد في أعين جنده وأتباعه.
ما تقوم به إيران الآن ضد العدو الغاصب هو الحل الاستراتيجي الوحيد، مهما كان الثمن، لأن الصهاينة قوم لا يفهمون إلا بمنطق القوة وهم حريصون على الحياة، والمؤمن على الشهادة أشد حرصا.
طيلة تاريخه، لم يشهد الكيان دمارا كما يشهده الآن، وهو يتخبط في تاريخه الأسود، ومآله الذي لا ريب فيه؛ زوال أشد إيلاما ورعبا من زوال فرعون وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب.
موقفي من عملية السابع من أكتوبر معلوم منذ أول يوم: كان فخا قاتلا، وما الخديعة الكبرى التي أعلن عنها ترامب ونتنياهو بفخر بعد الضربات على إيران إلا جزء من خديعة أكبر كانت خطوتها العملية الأولى إيقاع المقاومة في فلسطين في فخ الطوفان.
وحتى إن اعترض المتحمسون، والعطشى إلى أي انتصار ولو كان وهميا أو باب أعنف الهزائم والمجازر، فإني كخبير عسكري متمكن، ومختص بدقة في الفكر الصهيوني واستراتيجياته، أعي جيدا ما أقول، وستثبت الأيام، كالعادة، صحة ما ذهبت إليه.
لكن اليوم غير الأمس، وغدا ترسمه الساعات القادمة: إما أن ندخل زمنا إسرائيليا بمزيد من المذابح، بالغطرسة الأشد، والإجرام الأعنف، وسقوط أو ركوع أنظمة، واختناق أخرى.
أو أن يخشى العدو ويستيقن أنه أخطأ في قراءة الصبر والحكمة الإيرانية.
لا شك أن المستهدف القادم في حال انتصر الصهاينة هما دولتان، كما بينت في محاضرتي البارحة: مصر التي يريد العدو توريطها في الحرب بأي شكل، لأنه لن يهدأ ويهنأ ولمصر جيش قوي وأسلحة متطورة كان من آخرها الغواصات الصينية.
والجزائر، التي تمثل ثقلا عسكريا واقتصاديا ومبدئيا يهدد مشروع إسرائيل الكبرى، وسيسعون لاستخدام بعض حلفائهم في إفريقيا، وصولا للتحرش المباشر.
لا ريب عندي أيضا أن الخيانة عميقة، في صلب محور المقاومة، من فلسطين إلى إيران، مرورا بلبنان، وقفزا فوق سوريا التي نجحوا في تدميرها بفيلق من الخونة والتكفيريين.
الخيانة سر إيصال منصات صواريخ وطائرات دون طيار إلى العمق الإيراني منذ أشهر، وهي كذلك سر اغتيال الصفوف الاولى لمحور المقاومة ككل، وسر من أسرار تدمير الجيش السوري مع عوامل اخرى، ولا أقصد بهذا التقليل من شأن الجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة، بل التنبيه لأمر طالما تحدثت عنه من قبل، وهو فن من أقوى فنون الموساد: فن الاختراق، وبصمتهم في ذلك جلية حتى في هجوم اوكرانيا على العمق الروسي بأضرار كبيرة جدا تماما كما تم في إيران، بجيش من العملاء تم تجهيزه لسنوات طويلة.
ختاما: ارجو أن الأمة العربية تنتبه وتتحد لوقف الحرب بين إسرائيل وإيران، لأن فتيلها سيمتد، وأوارها سيشتد، والخطر النووي كبير، وفي حال حدوث كارثة إشعاعية، ستكون كل دول الجوار أمام مخاطر حقيقية، وأضرار كارثية.
ليس في قلبي إلا اليقين، أن وعد الله حق، وأن الله سينصر من نصره، وأن الظلم إلى زوال، بل تتشوف نفسي منذ الصبا بمطلق الإيقان لمشهد من الغيب لا ريب فيه رسمه القرآن بلغة الرمز الذي تبين تمام معناه لحظة التحقق القريبة جدا: ﴿إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَاۤءَ وَعۡدُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ لِیَسُـࣳۤـُٔوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَلِیَدۡخُلُوا۟ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَلِیُتَبِّرُوا۟ مَا عَلَوۡا۟ تَتۡبِیرًا﴾ [الإسراء ٧].
وما الدمار في تل أبيب الآن إلا بداية.
ولكن دون ذلك اليوم أيام عسيرة على العالم كله والبشرية بأسرها، وأقنعة الخيانة التي ستسقط، ستكون صادمة إلى درجة لا يمكن تخيلها.
لطفك ونصرك يا رب.
د . مازن الشريف
خبير عسكري واستراتيجي.