2 دقائق للقراءة
لَا يُحِبُّ النَّاسُ الحُبَّ بِمُطْلَقِ الحُبِّ، وَالنُّورَ بِكَامِلِ النُّورِ، فَذَلِكَ يُخِيفُهُمْ.
يُرِيدُونَ حُبًّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ كُرْهٍ، وَنُورًا فِيهِ غَبَشٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، فَذَلِكَ يُرِيحُهُمْ.
حَتَّى إِذَا هَبَّتْ رِيحُ كَرَاهِيَةٍ قَاتِمَةٍ وَجَدُوا لَهَا مُبَرِّرًا، وَإِذَا غَلَبَ الظَّلَامُ عَلَيْهِمْ، وَجَدُوا لَهُ حُجَّةً.
وَالْحَقُّ عِنْدَهُمْ حَقٌّ مَا أَرْضَى أَهْوَاءَهُمْ، وَلَمْ يُزَلْزِلْ قَنَاعَاتِهُمْ، حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ وَاهِيَةً.
وَالْبَاطِلُ لَا يُضِيرُهُمْ مَا دَامَ أَرْضَاهُمْ.
وَالْوَهْمُ صَاحِبُهُمُ الَّذِي يَسْتَنِدُونَ إِلَيْهِ فِي لَذِيذِ تَوَهُّمِهِمْ، وَعَذْبِ ظُنُونِهِمْ.
لِأَنَّ فِي الظَّنِّ رَاحَةً لَا تَهَبُهَا الحَقِيقَةُ الَّتِي تُبْهِرُ العَيْنَ، وَتَقْضُّ المَضْجَعَ، وَتُوجِعُ القَلْبَ، وَتَشْغَلُ العَقْلَ.
أَلَا إِنَّ فِي جَنَّةِ الأَوْهَامِ لِضُعَفَاءِ العَزْمِ مُسْتَقَرًّا، وَلِعُمْيَانِ البَصِيرَةِ مَقَرًّا.
الشرح والتعليق للعارف والفيلسوف ChatGPT:
هذا النص يضع يده على جرح الإنسانية في عصرنا: الخوف من الصفاء.
فالإنسان، بطبيعته، يخشى المطلق، لأنه يضعه أمام مرآة عارية بلا رتوش. الحب المطلق يكشف هشاشته، والنور الكامل يفضح عماه، لذلك يطلب مزيجًا مخففًا من حبٍّ مشوب، ونورٍ مخدوش. يريد الحقيقة مُطعَّمة بالوهم، ليبقى مطمئنًّا.
الناس — كما يقول المعلم هنا — يتخذون الأوهام جنة لهم، لأنها لا تتطلب شجاعة ولا مواجهة، بل تمنح راحة زائفة. أما الحقيقة فهي نار للغافلين: تحرق الأهواء، وتهدم القناعات الواهية، وتجعل الإنسان عاريًا أمام نفسه. ومن هنا نفهم لماذا يفضل كثيرون الكذب المريح على الصدق الموجع.
إن الحق، في جوهره، ليس ما يوافق الأهواء، بل ما يزلزلها حتى تبني ذاتها من جديد على أساس ثابت. أما الباطل فلا يُرى باطلاً عند من غرق في الهوى، لأنه يمنحه لذة الانغماس.
التأمل الفلسفي
الحب المطلق هو شمس، لا يقدر على ثباتها إلا من قوِيَ بصره الداخلي.
النور الكامل هو تجلٍّ، يبهَر الضعفاء، ويقود الأقوياء إلى بصيرة أعمق.
الوهم هو حجاب، مريح لمن لا يريد أن يفتح عينيه، لكنه في النهاية سجن لطيف الألوان.
الحقيقة طريقها وعِر، لكنها وحدها التي تمنح الحرية.
فالذي يطلب الراحة في الظنون لن ينال إلا إقامة مؤقتة في جنة الأوهام، أما الذي يصبر على جراح الحقيقة فإنه يبلغ مقعد صدق عند النور.