عن الإرهاب وشبهته، وشيء من التاريخ

6 دقائق للقراءة


الارهاب عمل منظم يهدف الى زعزعة استقرار دولة ما من خلال القيام بعمليات نوعية وفق مخططات إجرامية تحركها عقيدة متطرفة.
وذلك باستخدام الاسلحة المختلفة (من الاسلحة البيضاء الى النارية والاسلحة الكيماوية والنووية) والتفخيخ والعمليات الانتحارية.
يمكن للإرهاب أن يعتمد على مجموعات مسلحة او ذئاب منفردة او انغماسيين او خلايا نائمة يتم تفعيلها في الوقت المناسب.
تربط بين كل التنظيمات الإرهابية شبكة من القواسم المشتركة أهمها العقيدة المتطرفة التي ترفض الاخر وتسعى لتصفيته.
كما يربط بينها وجود اختراق مخابراتي يؤسس ويحرك لغايات جيوستراتيجية دقيقة ومحددة.
وهنالك أنماط جديدة متطورة من الارهاب مثل الإرهاب البيولوجي والارهاب السيبيرني..
الارهاب في حقيقته نوع من الحرب بالوكالة، وهنالك ارهاب قد تمارسه دولة ضد شعب أعزل.
يمثل الإرهاب التكفيري الظلامي نوعا شرسا ومعقدا من انواع الارهاب عبر العالم.
يقوم اساسا على معتقدات تكفيرية وهابية تيمية (متأثرة بابن تيمية).
تخضع دراسة هذا النوع لتأصيل تاريخي يرجع الى الخوارج خاصة الازارقة في القرن الاول وبدايات الثاني للهجرة، مرورا بفتنة غلاة الحنابلة في القرن الرابع، وابن تيمية في القرن السادس، وابن عبد الوهاب وما فعله من مجازر في القرن الثاني عشر، ثم المودودي وسيد قطب مؤسس السلفية الجهادية، والقاعدة وتنظيم الدولة وبشخصيات مثل الزرقاوي وبن لادن وابو بكر البغدادي، وبمراجع نظرية اهمها ادارة التوحش لابي بكر ناجي منظر القاعدة والمذكرة الاستراتيجية لعبد الله بن محمد منظر داعش(اسماء حركية).
ولمفاهيم مثل الشوكة والاحتطاب والانغماس….
لا تمثل الحلول الامنية والعسكرية سوى نسبة محدودة من الحل للمعضلة الإرهابية.
في حين تكون النسبة الاكبر للحلول الثقافية (بث ثقافة الحياة) والفنية (الفن الهادف الراقي) والعقائدية (عقيدة التسامح وقبول الاخر) والروحية (التصوف كأفضل علاج للتطرف).
يستخدم الإرهاب طرقا ملتوية وتمشيات معقدة للايقاع بضحاياه من الشباب وتحويلهم الى ارهابيين، مثل التزييف العقائدي والتنويم المغناطيسي والبرمجة العصبية وغسيل الادمغة.
وكنت شرحت ذلك بتعمق في كتابي “رحلة في عقل إرهابي”.
كما يعتمد على ما اسميته ثلاثية التنظير والتكفير والتفجير بتفاصيلها التي دونتها سنة 2008.
تقوى شوكة الارهاب كلما ضعفت الدولة او كثر فيها التناحر السياسي، ويجد زخمه في المناسبات الدينية ليضرب بعنف.
انتصر الامن والجيش التونسيان بتعاضد الاحرار على الارهاب، بعد أن ارتوت الارض المباركة بدماء الشهداء.
ولكن اختراق الشبكات الارهابية للشباب التونسي من خلال شيوخ التكفير ومافيا التهريب التي هربت عددا كبيرا لبؤر التوتر كان اختراقا كبيرا جعل تونس تتصدر نسبة الارهابيين في تنظيمي داعش والقاعدة لفترة.
وتم توظيف المساجد والخيام الدعوية والدمغجة السرية ومواقع التواصل والنظم السبرانية.
ووفق ما شهدت عليه، وما كنت مساهما مباشرا فاعلا فيه، في الحرب على الإرهاب على أعلى مستويات القيادة الأمنية والعسكرية والوزارات ورئاسة الجمهورية، سواء بصفتي الشخصية كخبير دولي في الاستراتيجيات الامنية والعسكرية ومكافحة الارهاب، أو بصفتي كأحد مؤسسي المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل ورئيس قسم الاستشراف ومكافحة الارهاب فيه، وكمؤسس للجنة الأمن القومي والاستشراف صلب وزارة الداخلية (تم تحويلها لاحقا لوزارة الاستشراف) بطلب من وزير الداخلية حينها لطفي بن جدو الذي حرص على تعييني مستشارا له ولاقى الامر معارضة سياسية وحكومية، أو كناشط في المجتمع المدني وكوجه إعلامي بارز في تلك الفترات الخطيرة والحرجة التي تتالت فيها العمليات الارهابية المؤلمة والنوعية (قتل الجنود في الشعانبي، عملية باردو، عملية القنطاوي سوسة).
من خلال كل ذلك، ومن خلال اطلاعي على الكثير من الأسرار والخبايا ومساهمتي في إعطاء استشرافات دقيقة كان لها دور فعال في العمليات الاستباقية.
من خلال كل هذا وغيره، فإني أقول للأمانة وككلمة حق أتركها لمن لم يشهدوا ما شهدت، أو لمن يريدون تغيير التاريخ وتحويل وجهة المسائل حتى يكاد يقول حال بعضهم أن الشهيدين بلعيد والبراهمي قد قتلا نفسيهما، أو كانا متواطئين مع الارهابيين الذين اغتالاهما. أو أن يدعي مدع ما لسبب سياسي ما أني ذو شبهة في الإرهاب قد يدعو بعدها للتحقيق معي ومحاكمتي، مستغلا انشغال كلٍّ بهمّه.
أقول للتاريخ وللصدع بالحق الذي هو ديدني وعهدي مع الله أولا ومع الوطن والشعب والأحرار ثانيا:
*لقد وقفت دون خشية لشيء، حتى عندما اخبرني وزير الداخلية السيد المحترم الذي أكن له كل تقدير ومحبة لطفي بن جدو في مكتبه عن اكتشاف خلية تريد تصفيتي وأنه يريد توفير الحماية لي، وقلت له حرفيا: الله يحميني وأنا لا أخاف القتل. ويمكن سؤاله عن هذا.

ولم يكن وقوفي إلا حبا لبلادي، وهو ما قلته لمستشار السفير الامريكي للشؤون السياسية ذات لقاء في السفارة الأمريكية، وقلت حرفيا: أنا “دغباجي” يحمل شهادة دكتوراة ويلبس ربطة عنق، ولو كان الدغباجي (بطل المقاومة التونسية ضد فرنسا وشهيد الوطن الشجاع) في زمني لكان معي، ولو كنت في زمنه لكنت معه. وقال لي: أنا أحترمك جدا. وكان رجلا محترما بحق وله مني كل التقدير، ولولا الضرورة ما ذكرت هذا.
*ليس على تراب البسيطة ولا تحت سقف السماء مخلوق أخشاه، ولا أبالي ما يفعل بي، فأنا من مدرسة جدي الحسين بن علي الذي تعلمت منه الوقوف مع الحق دون نظر لثمن ذلك، وكل من يظن أنه يستطيع إخافتي بلعبة أو مؤامرة أو ادعاء باطل فهو واهم ولا يعرف الرجال، ولا شموخ الجبال.
وأذكر عندما هاجموا سيارتي بحجارة قاموا باعدادها وصقلها حتى انها انغرزت فيها بعد ان وضعوا حجارة كبيرة في الطريق وأنا بين تستور والكاف ليلا في محاولة يائسة لقتلي وجعل الامر يبدو حادثا، أذكر جيدا أني وجدت في صدري ثبات المؤمنين ويقين الصادقين ولم تتحرك لي شعرة، وتم اعلان ذلك في إذاعة الكاف وكلمني والي جندوبة حينها والامن يعلم ذلك وظهر من حاولوا وكانوا من السلفية ومثلوا أنهم تعرضوا للامر نفسه بضرب سياراتهم في بعضها وابتسمت لهم وتركتهم يمضون أمام دهشة رئيس المركز حينها اسمه محرز.
كما تمت محاولة قتلي بتدبير انفجار الاطارين الخلفيين معا في وقت واحد وانا في طريق لالقاء محاضرة دينية في صفاقس، ونجاني الله بكرامة له، بشهادة من كانوا معي، وتركت الامر كأن لم يحدث.
وما أقوله هنا قليل من كثير، ولكن فقط كي يفهم من لا يريد أن يفهم: تونس برجالها وأبطالها وصالحيها، وأنا واحد منهم، هكذا بكل بساطة.
*يعرف القاصي والداني، وعبر العالم كله، ويعرف من التقيت من رؤساء دول، ووزراء، وقيادات أمنية وعسكرية، وخبراء وعلماء ومشايخ، أني رجل سلام وعلم، سخر حياته لتعليم عشق الحياة، حتى بلغت منزلة علمية وثقة ومصداقية جعلتني أحاضر مع الرئيس الباكستاني في مؤتمر المولد، ومع قيادات من الجيش الهندي، ويستقبلني القائد الأعلى للجيش الاندونيسي ويرحب بي في ملتقى كبير لفنون الدفاع، وألتقي مهاتير محمد، ويستقبلني الرئيس السوداني السابق عمر البشير في منزل أخيه العباس وهو صديق مقرب، وأحاضر في الجامع الكبير بباريس، ويكون لي تلاميذ ومريدون لخطي الصوفي النقي عبر العالم كله وهم جميعا مميزون وعلى مكانة علمية واكاديمية عالية.
وكل هذا منشور على موقعي وصفحاتي بالصور والفيديو.
وعليه فدعوة مسشار ومبعوث الرئيس الفرنسي السيد جيل كيبال مع سعادة السفير للقائي ليس أمرا غريبا، بل لأنهم يحترمون العلماء، وذات الامر لمسشتار السفير الياباني أو الأمريكي وغيرهما، لأنها دول تحترم العلم والعلماء.
وليس لاية غاية اخرى، خاصة السياسية منها.
*من حقي أن يكون لي مشروع سياسي، حسب ما يكفله لي الدستور، ولكن الحقيقة أني لا أحمل أي مشروع سياسي، ولا أرغب في أي منصب، وأنا الذي هتفت ذات مرة: خذوا المناصب والمكاسب لكن خلولي الوطن.
ولست أبني تنظيما، إنما أؤسس لمدرسة فكرية ذات نفح صوفي مسالم، وهذا ليس جريمة، او ذا طابع “إرهابي”!.
*إن الرجال الصادقين الذين وقفت معهم الكتف بالكتف، يستحقون كل تقدير وتكريم، وأستحقه أنا أيضا.
وفي الصف الاول لهؤلاء الأحرار الذين حموا البلاد من الإرهاب وفضحوا مخططاته: أذكر رجال النقابات الأمنية.
وكنت شاهدا مباشرا قبل التاسيس وعنده وبعده.
وها أنا اهدي لهم جميعا التحية، وأخص بها الراحل البطل صديقي واخي منتصر الماطري الذي لا انسى دموعه كلما تكلمنا عن تونس التي نتقاسم عشقها.

ختاما: هذا بياني للتاريخ، وستعقبه بيانات أخرى للرأي العام، وأرسلها لكل شبكة علاقاتي في تونس وخارجها من الاعلاميين الى رؤساء الدول.
لأني من قوم لا يقبلون الظلم، ولا ينامون على ضيم، ولا يخشون في الحق، ولا يتراجعون عن طريق الصلاح والإصلاح…
ولعلي سأتكلم كيف كان عملي لايقاف مؤتمر أنصار الشريعة الثالث الذي كان سيسبب خطرا كبيرل على الامن القومي، وعن كشفي للخطة البديلة، والخطة التي اقترحتها، ولقائي مع مدير الأمن العمومي ووزير الداخلية والناطق باسم الداخلية وممثل للمخابرات، وما اوصلته لرئيس الحكومة ورئيس الدولة في ذلك الصدد، وظهوري في برنامج التاسعة مساء في نفس اليوم مع الناطق باسم أنصار الشريعة، وقولي حرفيا: أنا أتكلم باسم وزارة الداخلية، وما كان خلف ذلك.
وربما أكشف أمورا كثيرة كنت صمت عنها، بل انسحبت من المشهد تماما، ولكني لم أفقد الذاكرة، ولو كانت دولتي تنسى، أو كان شعبي مضغوطا لدرجة النسيان.
فليكن الوطن بخير، وليتعافى سريعا ان شاء الله، رغم كل المؤشرات التي تشير للعكس خاصة اقتصاديا واجتماعيا.
وأنا كما قلت من قبل، مؤيد لمسار 25 جويلية ضمن أطر استراتيجية محددة، لاني رجل استراتيجيات ولست سياسيا.
وأمد يدي لأساهم كما ساهمت من قبل.
وأبقيها ممدودة بالخير والمحبة، رغم كل شيء.
#تونس_عشق_الروح
#رجال_تونس
#كلمات_للتاريخ
*صورة مع اخي وصديقي المرحوم الأمني والنقابي والمناضل الكبير الشجاع منتصر الماطري الذي قتله عشق الوطن في عز شبابه.
والصورة لاول مؤتمر للاتحاد العام لنقابات الامن تحت عنوان: الإصلاح الامني وإرساء مقومات الأمن الجمهوري، أفريل 2013.