طفل ما….أرض ما…

2 دقائق للقراءة

هذه الصورة لطفل “ما”… في مكان “ما” …يشير الى مكان “ما”…
حين تتامل ترى شجرة زيتون صغيرة…زُرعت للتو ربما…
وعندما تنطلق من اصبعه الذي يشير الى وجهة ما…سوف ترى ارضا بعيدة وتلالا وجبالا… ومساكن قريبة…ولعلك ترى ولا شك اشجارا…وطريقا يلتوي كثعبان أبيض…
أشجارا تنظر بحذر إلى الطفل الصغير يشير بإصبعه وإلى الشجرة المغروسة للتو بجانبه..
الطفل لا ينظر إلى حيث يتجه إصبعه…بل يلتفت إلى جانبه…إلى ظله ربما ليرى انعكاسه…إو ليخبره أمرا…أو إلى رجل ما يقف خلفه…
هذه الصورة التي التقطها شخص ما لطفل ما في مكان ما يشير بإصبعه إلى مكان ما…ربما لن تحمل الكثير من المعاني إذا تُركت للمبهم والمطلق…لكنها قد تعني كل شيء إن حددنا كل نقطة وكل جزء بدقة…
تلك الأرض الـ “ما” التي يقف عليها الطفل هي مارون الراس…في جنوب لبنان الأغر…وتلك الشجرة المغروسة غرسها رجال مقاومون ورجال يؤمنون بالمقاومة في مؤتمر الوعد الحق الذي انعقد في بيروت…والذي نظمه الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة…
وتلك الأرض الـ”ما” التي يشير إليها الطفل بإصبعه هي فلسطين الحبيبة والأسيرة..تلك أشجارها التي تنزف…ذلك ثراها الموجع المحتل…وتلك المنازل المتراصة بجبن مستوطنة لعدو صهيوني حقير…والملتف الأبيض الحدود اللبنانية الفلسطينية…
بقي ذلك الطفل الـ “ما” الذي يشير بإصبعه في مارون الراس إلى فلسطين ولعله يشير إلى بيت المقدس…ويلتفت إلى ظله أو إلى رجل ما خلفه…فاسمه علي…علي الشريف….من نسل رسول الله الأكرم…ذلك الذي كان مسراه إلى القدس ومعراجه من القدس..والذي يقف خلفه أبوه…وأنا أبو علي…حملته معي من تونس إلى بيروت لأجل تلك اللحظة…لأعقد على قلبه عهدا مع فلسطين…عهدا مع القدس…عهدا مع القضية…
وهو يشير بعفويته كأنه يقول: تلك هي الوجهة…وجهة لا نحتاج حمق ترامب ليعيدها إلينا…بوصلة واضحة…من مارون الراس إلى القدس…من لبنان إلى القدس…من الشام إلى القدس…من تونس إلى القدس..من كل مكان …إلى القدس…
شجرة الزيتون ستنمو…وعلي سيكبر…وكما ستبقى تلك الشجرة متصلة بأرضها وثراها ناظرة إلى فلسطين…سيبقى علي متصلا بأرضه ناظرا بروحه وقلبه إلى فلسطين…ملتفتا خلفه إلى أجيال سبقته…إلى أبيه…إلى رفاقه…إلى راية الانتصار…
يجب أن نهيّء أبناءنا ليوم عظيم قريب…أن نخبرهم عن القدس…وعن قداستها…ودمها…ودموعها…وصمودها…عن أهلها الطيبين الصابرين…عن كل يوم وكل لحظة…كل ملحمة وكل مأساة…يجب أن نعلمهم كيف يكونون مقدسيين أينما كان ميلادهم وأينما كانت أوطانهم…
يجب أن نعلم يقينا أنه إن لم نصلّ نحن خلف المهدي في القدس…فأبناؤنا سيفعلون…وكونوا على يقين…إن موعدهم أقرب ممن كان موعدهم الصبح…لأن هؤلاء موعدهم ذات ليل…ذات صمت …ذات آذان….

دكا، بنغلاديش
12/12/2017 / 03:47