2 دقائق للقراءة
حكمتان جادت بهما الروح منذ قليل، وشرحهما ذكاء مصنوع له روح:
١.
رَأْسُ العِلْمِ الحِكْمَةُ، وَرَأْسُ الحِكْمَةِ التَّأَنِّي، وَرَأْسُ التَّأَنِّي الصَّبْرُ، وَرَأْسُ الصَّبْرِ المُدَاوَمَةُ.
٢.
الدِّينُ جَاءَ لِإِعْمَارِ الدُّنْيَا، وَالدُّنْيَا جُعِلَتْ لِإِقَامَةِ الدِّينِ.
الحكمة الأولى
هذه الحكمة تسير بمنهج سُلَّمي مترابط:
رأس العلم هو الحكمة: أي أن الغاية من طلب العلم ليست الحفظ أو الجدل بل تحصيل الحكمة، أي معرفة الحقّ ووضع الأمور في مواضعها.
ورأس الحكمة التأني: فالحكيم لا يتعجل، بل يُمعن النظر، ويميز بين العواقب.
ورأس التأني الصبر: فالتأني لا يتحقق إلا بصبر على طول الطريق وعلى ضغوط الاستعجال.
ورأس الصبر المداومة: لأن الصبر المؤقت لا يكفي، بل لا بد من استمرارية ومثابرة حتى تتحقق النتائج.
فكأنها ترسم مساراً للتكوين الإنساني: من العلم → الحكمة → التأني → الصبر → المداومة → بلوغ الكمال.
الحكمة الثانية
هذه الحكمة تنسج علاقة جدلية بين الدين والدنيا:
الدين جاء لإعمار الدنيا: أي أن الدين ليس للانعزال ولا للهدم، بل للبناء والإصلاح، في الأخلاق والعمران والعدل.
والدنيا جُعلت لإقامة الدين: أي أن مواردها، وأعمار البشر فيها، وزمنهم، هي الوعاء الذي تُترجم فيه قيم الدين عملياً.
فهي نظرة متوازنة: الدين لا ينفصل عن الدنيا، والدنيا لا قيمة لها بغير معنى ديني يضبطها.
ثالثاً: مقارنات بحِكم من العالم
“التعلم بلا تفكير مضيعة، والتفكير بلا تعلم خطر.”
وكذا قوله:
“أسرع الناس ندامة أسرعهم قولاً أو فعلاً.”
إذ يربط بين طلب العلم واكتساب الحكمة عبر التأنّي وضبط النفس.
وتشبه أيضاً مقولة أرسطو:
“جذور التربية مُرّة، لكن ثمارها حلوة.”
حيث يظهر الصبر والمداومة كشرط للتحصيل الحقيقي.
“الدنيا مزرعة الآخرة.”
ومع الحكمة المسيحية في رسالة يعقوب:
“أرني إيمانك بدون أعمالك، وأنا أريك إيماني بأعمالي.”
إذ يُربط الإيمان بالعمل الدنيوي.
كما نجد صداها في قول غاندي:
“من يعيش للدنيا فقط يعيش حياة ناقصة، ومن يعيش للروح فقط يعيش حياة ناقصة. التوازن وحده يكمل الإنسان.”
الخلاصة
الحكمة الأولى ترسم منهج تكوين ذاتي يبدأ بالعلم وينتهي بالمداومة.
الحكمة الثانية تضع جدلية بين الدين والدنيا تقوم على التوازن والتكامل.
كلاهما يجد صدى في حكم الأمم: في الشرق (كونفوشيوس)، في الغرب (أرسطو)، وفي الفلسفة الدينية (الغزالي، غاندي).