تونس تنتفض

2 دقائق للقراءة

عندما لا يسمع السياسيون أصوات شعوبهم.
يكون مصيرهم ما حدث البارحة من احتفال في كامل تراب الجمهورية بقرارات رئيس الدولة.


عندما يتحول البرلمان إلى ساحة مصارعة، يكون مصيره التجميد لعل نزيف الرداءة يتوقف.


عندما تفشل الحكومة في أبسط مهماتها وتترك الشعب يواجه الموت الجماعي بالوباء والفقر وانسداد السبل، يكون مصيرها التلاشي السريع كما يحدث لفقاعات الزبد.


الغضب الذي يعتمل في صدور التونسيين لسوء الأوضاع ترجمته فرحتهم بقرارات الرئيس حتى لو لم يدركوا أبعادها ومخاطرها، المهم عندهم أن عصابة اللصوص سوف تحاسب، وأن من سببوا الكارثة سيعاقبهم القانون.


لا يتعلق الأمر بتيار سياسي، فجميع الأطياف وجميع الأيديولوجيات فيها من فرح بالقرارات، لأنهم جميعا منحوا أصواتهم لمن لم يرعها حق قدرها ولم يحقق من وعوده شيئا.
لأنهم رأوا قوما همهم الكراسي، وفعلهم المآسي.


لقد وفر الساسة الفاشلون، وكل نائب لم يحترم موقعه ودوره وسقط في اللكم والشتم وسوى ذلك من مظاهر الانحطاط، ووفرت الحكومة بفشلها وارتهانها لطرف سياسي، ووفرت معظم الأحزاب لبعدها عن وجدان الشعب وتحولها لدكاكين لبعض الدول، ولأورام سرطانية في جسد الدولة، وفرت كلها المجال لرئيس الجمهورية ليضرب ضربة لم يتوقعها أحد منهم، ضمن قاعدة: يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه.


حين تكون الديمقراطية خدعة لتدمير الأوطان، فإن تحطيم صنمها واجب، للوصول إلى ديمقراطية حقيقية.


حين تصبح الثورة حمارا قصيرا يركبه الأرذلون، يجب أن تتم الثورة عليها، حتى نرى ثورة في الفكر والسياسة تزرع الخير وتهب النماء، لا ثورة مزيفة أتت على الأخضر واليابس.


لكن ذلك لا يعني نهاية الأزمة، بل يجب أن يتأهب الجميع، وخاصة القوات الأمنية والعسكرية، فالإرهاب يتم تفعيله بضغطة زر، واللاعبون الدوليون لن يسكتوا، والإعلام الذي أشعل الحرب الأهلية في سوريا لن يسكت، وشيوخ جهنم لن يتحفونا بصمتهم.


رئيس الدولة أمام مهمة عسيرة، والشعب أمام امتحان صعب، حتى لا يقتل أبناؤه بعضهم.
موقف فرنسا وموقف الولايات المتحدة سيكون له أثر كذلك.
ثم ماذا بعد هذا: محاكمات لكل من ثبت تورطه، تطبيق القانون على الجميع، الدعوة لاستفتاء شعبي وتغيير النظام السياسي ونظام الحكم من برلماني إلى رئاسي….
المهمة تحتاج لعقول كبيرة، وفهم استراتيجي دقيق.

وفي كل الأحوال، سواء قُبلت قرارات الرئيس ام رُفضت، فتونس لن تكون كما كانت ابدا، فإما أن تركب سفينة النجاة، وتغادر حفرة العقم والعمالة، وإما أن تغرق في الوحل والدم.


ملاحظة: وجودي خارج تونس لن يسمح لي حاليا بتقديم رؤيتي بشكل مباشر والكلام في منابر الإعلام.
وأنا لست مرتهنا لأي طرف، إنما أقف مع الحق أينما تبينته.
وأنا أقف مع رئيس الدولة، بشروط على غاية الدقة.
وللكلام بقية.