< 1 دقيقة للقراءة
بين أصحاب الأسطول وأصحاب الأخدود
في الحياة قصص وغصص.
وفي القصص عبر وصور.
والغصص حتم وقدر.
وبين كل قصة وقصة، لوعة وغصة.
أن تقرأ عنها، غير أن تكون شاهدا عليها.
لقد قرأنا عن أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود.
ولم نك على ذلك من الشهود، إذ كانت قبل أن تسقط أرواحنا في سجن هذا الوجود.
لكن أخدود اليوم أشط بطشا، وأحر نارا.
يُلقى فيه أطفال كالورود، ورجال كالأسود.
نساء صابرات، في الجوع محاصرات.
ومؤمنون لا ذنب لهم إلا أن أخبث من على الأرض اختار أرضهم مقاما، وجعل بيوتهم ركاما.
وضمن هذه القصة والغصة التي نحن من رواتها والشاهدين عليها، بمطلق عجزنا، وكامل ضعفنا، ومنتهى خذلاننا، تأتي مشاهد تزرع بعض الروعة في محرقة اللوعة، وتثبت أن الإنسان فيه بعد نبض حي، من كل جهات الأرض وطوائفها وأعراقها ودياناتها.
سفن تمخر عباب البحر، تريد غزة وأهلها، بشيء من طعام عله ينقص حد المجاعة، والكثير من التعاطف والحب.
هو العالم القاسي الذي لا يرحم، وهي الدنيا الفانية التي لا تزداد على الهرم إلا جنونا، وعلى قرب النهاية إلا سفها.
وها نحن نشاهدهم، أصحاب الأسطول، يريدون الوصول إلى أصحاب الأخدود، والبحر الممدود، طريق مسدود مسدود مسدود.
العرب هامدون، والقوم جامدون.
والجائعون المحاصرون، هم الجائعون المحاصرون.
وليس لنا إلا هذا القهر الذي نحن فيه سامدون.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.