انتصار بايدن..هل سيرتاح العالم

2 دقائق للقراءة

انتصر جو بايدن بأعلى عدد ناخبين في تاريخ الولايات المتحدة (75 مليون)، وألقى خطاب نصر مميز دعا فيه للوحدة ونبذ خطاب الكراهية، وأن الوقت حان لشفاء أمريكا.

الرئيس السادس والأربعون يرث تركة من المشاكل التي افتعلها سلفه، ولن يكون الأمر يسيرا.

إن التصدع المجتمعي والمؤسساتي (بين البيت الأبيض والبرلمان على سبيل المثال) الذي خلفه ترامب، والمعركة القضائية التي سيخوضها حتى النهاية، ورفضه وتشكيكه في نتائج الانتخابات وحديثه عن مؤامرة عليه، ثم ما يمكن ان يحدث قبل انتقال السلطة، كل ذلك يبقي ضوء الخطر مشتعلا.

هل خسر ترامب لأنه فشل في فترة حكمه، وأساء للأمريكان من أصول افريقية ولاتينية، فعاقبوه انتخابيا!؟.

أم لأنه تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها له من اوصلوه إلى الحكم؟

أم خسر لأن مهمته انتهت ولم يعد بإمكانه أن يقدّم المزيد للصهيونية ولوبياتها (نقل السفارة، صفقة القرن والتطبيع، السماح بضرب العالم بكورونا، الانسحاب من الاتفاق النووي، وضرب امريكا بعمق على جميع الاصعدة).

لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية يُصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI تحذيرا عن إمكانية حدوث أعمال عنف، ولأول مرة يصل التشنج والخوف إلى هذا المستوى، ولأول مرة يتم ذكر الحرب الأهلية الثانية بذلك الاطراد في الاعلام الامريكي والعالمي.

بل ولأول مرة ينقسم الحزب الجمهوري داخليا بتلك الحدة بين من بناصرون ترامب لأجل مصالحهم ومن لا يؤدونه في حديثه عن مؤامرة ضده.

لن تكون الأيام التي ستسبق انتقال الحكم من الرئيس ترامب إلى الرئيس الجديد سهلة، ولا يمكن التنبأ بما قد يفعله رجل معتوه بجنون العظمة في الشهرين القادمين قبل مغادرته البيت الأبيض وهو الذي صرّح من قبل أنه لن يعترف بنتائج الانتخابات إن خسر.

خروج بعض أنصاره وهم يحملون السلاح ليحاصروا بعض مراكز فرز الأصوات مؤشر على غاية الخطورة.

بايدن شخصية قوية وله ذكاء تواصلي كبير، وهو ابن الدولة العميقة ومؤسساتها، على عكس الكوبوي الذي يتلوى الان من جرح خيبته كثعبان هرم يريد نفث ما بقي في فمه من سم.

لكن الشرخ الامريكي الداخلي والانعكاسات الاقتصادية لجنون ترامب وصبيانية كوشنر وآثار جائحة كورونا التي يتحمل ترامب معظمها، كل ذلك يجعل مهمة بايدن وفريقه عسيرة.

لعل المحكمة العليا ذات الأغلبية الجمهورية ستخذل ترامب أيضا رغم كل ما فعله لاختراقها.

ولعل رئيسة مجلس النواب الامريكي ناننسي بيلوسي التي مزقت من قبل خطاب ترامب لأنه رفض مصالحتها، وسعت لعزله فهدد بالحرب الاهلية، والتي تعتبر بايدن “رئيسا منتخبا…يتمتع بتفويض قوي ليحكم”، لعلها ارتاحت من خصمها أخيرا وارتاحت المخابرات الأمريكية من أكثر رئيس سبب لها المشاكل واراد تطويعها.

لكن هل سيرتاح العالم، والعالم العربي خاصة!

وهل سيحوّل بايدن أمريكا إلى حمامة سلام ويوقف نزعة سلفه للحرب مع الصين وروسيا وإيران وتفتيت الناتو وتمزيق الاتحاد الاوروبي وإذلال دول كثيرة من بينها ألمانيا.

إنها مرحلة دقيقة تحتاج لمعجزة لتجاوزها دون مزيد من الدماء والمآسي.

ولن يرتاح العرب!

08-11-2020