أنا ملحد!

2 دقائق للقراءة

أنا ملحد…مُلِحٌّ في إلحادي…مِلْحٌ لطعام أسيادي.

وعندي قدرات إلحادية كبيرة، وقوى على الإلحاد خطيرة.

بإمكاني-مثلا- أن أكتب قرآنا جديدا، سورا من عبقرية فكري على غاية المتانة والجزالة والسلاسة والكياسة والنجاسة. دعكم من (سورة كورونا)،  فهي لا شيء أمام قدراتي الخارقة.

وبإمكاني أن أرسم حمارا عليه رجل، وأكتب اسم نبيهم، وانشر الصورة لتشتعل مواقع التواصل ولينطلق اولئك في حرق المدن دفاعا عن رسولهم.

ما أطلبه مقابل إلحادي بسيط جدا، أليفات من الدولار واليورو، ولجوء عندكم، وأن تحركوا اذنابكم البارعة للدفاع عني وعن حريتي المنتهبة.

ملحد!

لم اقرأ كتابا عن الالحاد، ولا اعرف من هو ريتشارد دوكينز ولا سام هاريس ولا كتاب وهم الإله The God Delusion.

ولكنني لما رأيت عطاياكم لمن ألحدوا قبلي طمعت.

فكي ابلغ شيئا من ذلك احتاج لسنوات من العمل والوقوف أمام سفاراتكم لعلي أحظى بنظرة عطف وفيزا.

إنه اسلوب سهل بسيط، خربشات وقل هي سورة كذا، او صورة ذاك. وتكون من الفائزين.

أما الذين لا يمتلكون هذه القدرات الابداعية، فبإمكان الراغبات من الفتيات الاكتفاء بتعرية الصدر، وبإمكان الراغبين من الشباب الاعتراف بشذوذهم علنا، وسيجدون الدعم والاعلام والمال والجمعيات، وستفتح السفارات ابوابها للدفاع عن “الأقلية” وعن حرية الضمير.

صحيح أن جورج فلويد قتله شرطي ابيض عنصري خنقا تحت قدمه لمجرد انه اسود، في تلك البلاد التي صدعت آذاننا بالحرية والمساواة والدفاع عن الأقليات.

وصحيح ان اليمين المتطرف عاد بقوة الى اوروبا ويهدد الجاليات الاجنبية والمسلمين خاصة بالنار والارهاب والعنصرية.

وصحيح ان كورونا كشفت ان الغرب قاس ومادي وبلا مبادئ،  وأن تلك الدول لم ترحم بعضها وتركت ايطاليا تواجه الموت وحيدة، وقامت بقرصنة المعدات والسطو على الكمامات.  وترك الابن اباه يموت وحيدا في دار المسنين خوفا من العدوى.

إلا أنهم يسارعون للانتصار لحرية الشواذ والملاحدة. ويصبح كل فارغ وكل فارغة نجوما وابطالا وضحايا وشخصيات مهمة لبقاء الجنس البشري لمجرد نشر ما يسيء للاسلام وما يدعو لهدم اركانه او يسخر منه او يجاهر باية فكرة الحادية او ممارسة شاذة.

ولكن هل عالمنا العربي، وبلادنا خاصة، تركت لابنائها مجالا سوى زورق يعبر فوق الموت الى لامبادوزا، او خلايا تسفير وارهاب، او عصابات زطلة ومخدرات، او حوادث طرقات قاتلة بعد ليلة سكر حمراء.

لعل الإلحاد أفضل للكثيرين مما ذكرنا.

اما الذين يديرون ذلك فقد فهموا مجتمعنا وعرفوا ضعفنا وقرؤوا تاريخنا ووجدوا تلك السخافات المدسوسة في التفاسير والسنة والتي لا تحتاج عنعنة ولا علما بالرجال والجرح والتعديل لمعرفة بطلانها وأنها لا تصدر عن عاقل فكيف بنبي.

كما ان الصورة الداعشية التي ألصقت بالاسلام دفعت الكثيرين دفعا للالحاد.

وليس لدى علماء الامة تركيز على هذه المسالة ووعي بخطورتها.

ان هؤلاء الشباب المتطرفين في كره الدين، وبجوارهم الشباب المتطرفون في الدين، اشبه بالامونيا والمتفجرات في مرفا بيروت.

انهم ينتظرون اللحظة الصفر لاشعال الفتيل، واطلاق الانفجار المجتمعي المدوي.

فهل تعقلون ما أقول!!!

﴿فَسَتَذۡكُرُونَ مَاۤ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِیۤ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ﴾ [غافر ٤٤]