موسوعة البرهان (45) الجزء الثاني (1): مقدمة: في العلم، بين القلب والعقل، والاسم والكلمة، وبعض مجالي القانون الأول (1)

2 دقائق للقراءة

الحمد لله الذي أظهر الحق جليّا، ورفع من شاء من عباده مكانا عليّا، وأرسل في الأميين رسولا ونبيّا، وكان له ناصرا نصيرا وواليا وليّا. الحمد لله الذي كان أمره محتوما ومختوما ووعدا مقضيّا. الحمد لله أحاط بكل شيء علما وما كان ربي نسيّا.
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله فردا وجمعا، وأجلاهم في الله بصيرة وأوعاهم سمعا، وأصدقهم خشوعا وخضوعا ودمعا.
وبعد: فإن العلم تاج العقول المستنيرة، والقلوب النيرة. ومنهاج العلم: منهاج يوصل إلى الله، فإن لم يفعل، فمتاهة فاتنة، وقوة مُطغية، وحجج للحقيقة لا تدل على الحقيقة بل يُستدل بها على الباطل. فكذلك فعل الشرّير بعقول بني الإنسان منذ أغوار الأزمنة، حتى يصير العلم الذي هو أساس النجاة، مسببا للهلاك حين يُغرقه مدعيه في أوحال الجهالة وأوهام الضلالة، فتكون القوة الناتجة عن التفوق العلمي قوة مدمرة للإنسان بيد الإنسان وسلاحا في قبضة الشيطان، ذلك العدو القديم لآدم، والذي يواصل انتقامه ضمن نُظرة الله له، وكل ذلك بقدر الله وإذنه تمحيصا لقوم وبلاء لأقوام وبيانا للحق وتبيانا للحقيقة ومداولة بين أيام الرخاء وأيام البلاء.
قد يظن ضعيف الإيمان أن الباطل أظهر وأن الشر أشهر، ولكن المؤمن الحق يوقن ويعلم أن كل ما عند الباطل وأهله ما هو إلا انعكاس يريد الله به أن يمضي حكمة الدنيا وحُكمها وأن يُنفِذ قانونها الذي أخبر به آدم وهو يهم بالخروج من الجنة مكسور الخاطر موجوع القلب دامع العين ومعه زوجه وأم حضارة من بنيه، وفي ركن قصي من العوالم نظرة تَشفٍّ من شيطان رجيم، فقال الحق جل وعلا: ” وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36)”
ثم في الآيات الموالية، وفي إطار قصة أبينا آدم وأمنا حواء وفتنة الشيطان، يقول ربنا جل في علاه:”قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)”

مقالات ذات صلة

أحوال القلوب
في سيرورة الأيام حكم قديمة تتجدد، وآيات لله تنجلي وفق سنة وناموس إلهي لا تبديل له.تحت بند قوله سبحانه:﴿سُنَّةَ ٱللَّهِ فِی ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن...
4 دقائق للقراءة
كلمة حق حسينية
سواء كنت سنيا أو شيعيا، فقضية الإمام الحسين تعنيك، لأنها من جواهر القضايا التي يقاس بها الإيمان ويمتحن بها تحقق معنى الإسلام.لا إيمان دون...
< 1 دقيقة للقراءة
الوظيفة المحمدية في الصلاة على خير البرية
ة بسم الله الرحمن الرحيم﴿لَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِیزٌ عَلَیۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِیصٌ عَلَیۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ رَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [التوبة ١٢٨]﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ شَـٰهِدࣰا...
2 دقائق للقراءة
زيارة الشيخ حمود الصوافي
‏تشرفت يوم أمس بزيارة العبد الصالح العلامة الكبير الشيخ حمود بن حميد الصوافي، في مدرسته العامرة للعلوم الإسلامية في مدينة سناو من أرض عمان...
2 دقائق للقراءة
سلام في باب السلام
حين تحل عنده، تحل عندك البركات.وحين تنزل مدينته، تنزل عليك الرحمات.وحين ترد عليه بالصلوات، ترد إلى قلبك أمداد الصلوات.وعندما تدخل باب السلام،  يهبك الله...
< 1 دقيقة للقراءة
في شهود البيت العتيق
وأنت بجوار الكعبة المشرفة، تشهد المشهد العظيم، ترى بعينك الطائفين، وترى بقلبك الأولين، وتنظر بروحك إلى وجوه النبيين، من آدم الأول، بعد أن تاب...
3 دقائق للقراءة
عن الحق والباطل
كل فضيلة تقع بين رذيلتين.الكرم بين البخل والتبذير.والشجاعة بين الجبن والتهور.وكل حق يقع بين باطلين: باطل يحجبه، وباطل يسعى لتزييفه. هكذا حدثتني الروح، وهكذا...
< 1 دقيقة للقراءة
في مقام الوالدين
عظم الله قدر الأم، وأبان عن عظيم شرفها في كتابه، وأوصى الإنسان بوالديه ووصّاه ببرهما، فقال عز من قائل: ﴿وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰ⁠لِدَیۡهِ حُسۡنࣰاۖ﴾ [العنكبوت...
2 دقائق للقراءة
وظيفة الاستغفار
وظيفة الاستغفارمن الوظائف الخاصة في الطريقة الخضرية العلية.مع صدق الرجاء وإخلاص النية في الدعاء، والتوجه القلبي الكلي إلى الله، والتوسل بمن للوسيلة ارتضاه.لها بفضل...
2 دقائق للقراءة
في حكمة القبض والبسط
في حكمة القبض والبسط والفناء والبقاء ومما يثير الدهشة في الحياة، قدرتها على التلون والتبدّل والانتقال من حال إلى حال، وهي في ذلك تأخذ...
2 دقائق للقراءة