3 دقائق للقراءة
صاح اركب العزم لا تخلد إلى الياس
واصحب أخا الحزم ذا جد إلى فاس
واشرح متون صباباتي لجيرتها
وحي حيا بهم قد كان إيناس
واقري السلام على تلك المعاهد من
حيران تلفظه ناس إلى ناس
أثناء وفادته الى المغرب سفيرا لحمودة باشا حاكم تونس، الى السلطان مولاي سليمان سلطان المغرب، التقى علامة تونس الكبير سيدي ابراهيم الرياحي بالقطب الشهير سيدي أحمد التجاني، ومدحه بالسينية التي افتتحت ببعض ابياتها، وهي من اجود الشعر مبنى ومعنى.
لم يقتصر الأمر عند الشيخ التجاني رضي الله عنه على الطريقة الصوفية، على قيمتها الكبيرة، مع ما كان عنده من علم وما حباه الله به من اخلاق اجداده الاشراف الأدارسة، بل كان رجل دعوة، رحالة في ارض الله زار تونس ثم ليبيا ومصر في رحلته الى الحج وكان في ذلك يزور الصالحين ويلتقي العلماء محبة وتذاكرا وتفكرا، وكان داعية الى الله عظيما أوصل نور الاسلام الى أعماق افريقيا بشكل مذهل في تجربة روحية صوفية دعوية عميقة عظيمة فيها انعكاسات تجارب اخرى لاقطاب الصالحين كما فعله مولانا معين الدين الجشتي في الهند، وفيه فرادة ما يفضل به وليا وما يميز به من اختص من عباده المخلَصين.
ومن عين ماضي الى فاس، ومن خليفته سيدي الحاج علي التماسيني في ارض الجزائر، وسيدي ابراهيم الرياحي في تونس، الى صاحب الفيضة سيدي ابراهيم نياس في ارض افريقيا والسينغال، والخليفة سيدي محمد العيد التجاني حفظه الله في تماسين التي زارها سيدي الرياحي وتشرفنا بزيارتها، إلى مختلف الزوايا التابعة بنسبة حقيقية الى الطريقة التجانية، فإن بركات وأمداد سيدي احمد التجاني لم تتوقف بفضل ربه ومدد جده المصطفى وأهل السلسلة، بل يكفيك لتفهم ان تسمع صلاة الفاتح يرددها اهل التصوف على اختلاف طرقهم، وهي التي كانت مباشرة من رسول الله الى الشيخ التجاني، يعتقد في هذا من فاقت بصيرته بصره، وينكره من انطمست بصيرته وانطمس بصره.
لقد كانت زيارتي الجديدة لسيدي احمد التجاني (الذي زرته مرارا بداية من سنة 2007، كانت تجديدا للعهد مع اهل الله، واستمدادا من انوارهم وبركاتهم، نحبهم جميعا محبة لله، ولمحبتهم لله، ومقامهم عند الله، ولحب الله لهم، ونتوسل بهم جميعا لمقامهم عند الله، ونلتمس فيضا من النور الذي خصهم به الله، وهم اولياؤه واصفياؤه، ونقترب بهم من حضرة المصطفى لأنهم اهل حضرته، ونود حبه بهم لأنهم من آل بيته وسلالته، ولا نجعل في حبهم تفريقا، ولا نرى مزارهم جميعا الا واجب المحبة وتحقيق النسبة اليهم رضي الله عنهم اجمعين.
وتبقى فاس تحضن اولياءها، وتحضر روح سيدي عبد العزيز الدباغ بنفحات الخضر عليه السلام، وتجتمع روحانية الصالحين تسبيحا ومديحا، وتردد في الآفاق من فاس الى مولاي عبد السلام بن مشيش القطب، والى السبعة رجال في مراكش، والى الشيخ الكامل في مكناس، ورجال الله في اكناف المغرب كله تحت لواء مولاي ادريس وابنه ادريس، لتمضي الى شرق الارض وغربها إذ لا تخلو منطقة فيها من ولي لله، ويجتمع كل ذلك من تونس وزليطن وحميثرة وبغداد الى الشام الى حضرموت واجمير ولاهور في اكناف القدس وكنف البيت الحرام لتمضي الاصوات الى ساكن طيبة وقبره وترتفع منه صعودا في معارج الترقي والتلقي بامدادها واجنادها وروحانيتها والملائكة القائمة على ذلك، صوتا واحدا الى خالق واحد: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الفاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ و الخاتِمِ لِمَا سَبَقَ نَاصِرِ الحَقِّ بَالحَقَّ و الهَادِي إلى صِرَاطِكَ المُسْتَقِيمِ و عَلَى آلِهِ حَقَّ قَدْرِهِ و مِقْدَارِهِ العَظِيمِ”.
فيا له من مشهد مهيب منه الولدان تشيب، فمن نظر اليه بعقله وجده خيال اديب، ولفظ كاتب أريب.
ومن نظر اليه بقلبه رآه عين اليقين، وحتما يتم في كل حين، فتلك من اعظم منازل العارفين، ومراتب اهل اليقين.
والحمد لله رب العالمين.