3 دقائق للقراءة
انتظم في جاكرتا عاصمة اندونيسيا يومي 19 و20 جانفي المؤتمر العالمي حول تصوف الإمام الغزالي: دور تصوف الإمام الغزالي في تطوير الحضارة العالمية القائمة على السلام والوئام”، من تنظيم جمعية الطريقة المعتبرة النهضية، ومؤسسة أمانة كيتا والجامعة الإسلامية الشافعية، بمشاركة مشايخ وعلماء ومفكرين من اندونيسيا، الولايات المتحدة،روسيا، الصين، سوريا، إيران، ومن المغرب وتونس.
مؤتمر ثري من حيث المحتوى العلمي ومتميز من حيث التنظيم، تناول فيه المحاضرون مسيرة الإمام الغزالي العلمية والصوفية، وأثره العالمي، وقد تميزت مداخلة الدكتور عقيل سراج الدين الرئيس العام التنفيذي لجمعية نهضة العلماء بإلمام دقيق بكتب وأفكار الإمام الغزالي، كما بين إسهام جمعية نهضة العلماء في رعاية تصوف الإمام الغزالي ضمن الجلسة العلمية الأولى.
أما الجلسة العلمية الثانية فقد تناول الدكتور محمد ياسر القضماني من سوريا موضوع “الثورة الروحية والمعنوية كحل لمشكلات الأمة الإسلامية من خلال كتاب إحياء علوم الدين”.
ثم مداخلة الدكتور مازن الشريف المفكر الإسلامي، تونس، تحت عنوان: “التصوف الفلسفي للإمام الغزالي من خلال كتاب مشكاة الأنوار”، وكانت رحلة بين معنى التصوف والتصوف الفلسفي، وأفكار الإمام الغزالي الاشراقية وآراءه العقدية والصوفية في كتابه القيم.
وكذلك مداخلة قيمة للشيخ عدنان الافيوني مفتي دمشق وريفها، عن المنهج الإصلاحي في فكر الإمام الغزالي وأثره في بلورة منهج وسطي كان نبراسا للمتصوفة دون غلو ولا تفريط.
ثم مداخلات كل من:
*الدكتور لقمان الحكيم رئيس تحرير مجلة جحيا صوفي، بعنوان: “تعاليم الإمام الغزالي الصوفية كأساس المحققين في ممارسة الطريقة المعتبرة”.
*الشيخ فايغ رستمي، كردستان إيران: “إسهامات الإمام الغزالي في الفكر الإسلامي”.
أما الجسلة الثانية فكانت فيها المداخلات التالية:
*الدكتور عزيز القبيطي الإدريسي رئيس مركز الدراسات الصوفية والجمالية، المغرب: “انتشار وتأثير تصوف الإمام الغزالي في افريقيا والشرق الأوسط”، وقد كانت مداخلة ثرية تم التركيز فيها خاصة على تاثير تصوف وفكر الإمام الغزالي وكتابه إحياء علوم الدين عهد المرابطين والموحدين.
*الدكتور عزيز عابدين الحسيني رئيس الجامعة الاسلامية بالولايات المتحدة: “انتشار وتأثير تصوف الإمام الغزالي في الغرب”.
*الشيخ مايونغ علي ممثلا لشيخه محمد حبيب العليم شيخ الطريقة النقشبندية، الصين: “انتشار وتأثير تصوف الإمام الغزالي في الصين”
*الدكتور ابراهيم عبدليف من جامعة داغستان الاسلامية، روسيا: “انتشار وتأثير تصوف الإمام الغزالي في روسيا”.
*الأستاذ الدكتور مختاري عميد كلية المذاهب الاسلامية بطهران: “انتشار وتأثير تصوف الإمام الغزالي في ايران”.
*الدكتور إلياس إسماعيل عميد الجامعة الإسلامية الشافعية بجاكرتا: “”انتشار وتأثير تصوف الإمام الغزالي في اسيا ونوسانتارا”.
وكانت الجلسة الختامية حول مشروع إعادة ترميم قبر الإمام الغزالي بمداخلات لكل من الدكتور أحمد مبارك وكيل اللجنة الاندونيسية والسيد أحمد حسين الشهرودي ممثل الجمهورية الاسلامية.
الاختتام كان بكلمة للدكتور علي عبد الله رئيس اللجنة المنظمة شكر فيها المشاركين، ثم بمحاضرة للحبيب لطفي بن يحيى شيخ الطريقة النهضية، ثم توقيع وثيقة تعاون علمي مع جميع المحاضرين في المؤتمر، وسيعقب ذلك جولة سياحية في اندونيسيا الرائعة وخاصة جزيرة جاوة وزيارة بعض المعاهد الاسلامية والمساجد.
وقد شهد المؤتمر حضورا علميا واعلاميا كبيرا، بحضور ثلة مهمة من العلماء والاكاديمين ومشايخ التصوف، وكذلك واكب فعالياته عدد كبير من الطلبة في الجامعات الاسلامية الاندونيسية وأتباع الطريقة النهضية.
إن العناية بتصوف الامام الغزالي في فترة التناحر والانهيار التي تمر بها الامة، وانتشار الفكر المتطرف، تدل عن حكمة وفهم، إذ تصوف الامام الغزالي هو تصوف جامع، تصوف عالم وفقيه، ورجل برع في علم الكلام والمنطق، بخلاف كونه من أهم العلماء بالعقيدة الاشعرية، ومن كبار الفلاسفة، مما جعل تصوفه مؤثرا في الحضارة الاسلامية وفي الفكر الانساني، فقد أثر الغزالي في عدد من فلاسفة الغرب من بينهم ديكارت.
أما عن عناية اندونيسيا بالتصوف والفكر الاسلامي، فإنها مدرسة تستحق الكثير من الدراسة والنظر، بل كل التجربة الاندونيسية في السياسة والاقتصاد والمجتمع، وكيف جمعت الدولة بين الاسلام والحضارة، لتبثت أنهما لا يتعارضان، وهذا مجال بحث دقيق وسبر عميق ونظر طويل، فما أحوج الدول العربية لمثل تلك التجربة الفريدة والناجحة.
جاكرتا 20/01/2018.