4 دقائق للقراءة
لقد كان مَقدِمُ مولاي إدريس بن عبد الله الكامل الذي كان أول مولود من ذرية الإمامين الحسن والحسين فأبوه هو الحسن المثنى بن الإمام الحسن بن الإمام علي وأمه هي فاطمة النبوية بنت الإمام الحسين ولدا الإمام علي والسيدة الزهراء بنت سيد الأولين والآخرين عليه وعلى آله الصلاة والسلام، كان مقدمه بركة وخيرا لأرض المغرب، بعد وقعة فخ التي كانت في هولها وفظيع ما حصل للسادة الأشراف فيها شبيهة بكربلاء ووفعة الطف الأليمة، وقد وصل إلى مدينة زرهون مع ابن عمه سالم وكان له خبر الأميرة كنزة الأوْرَبـيّـة البرنوسية التازية المغربية ابنة إسحاق بن محمد ابن عبد الحميد الأوربي، ملك أورَبة (أعظم قبائل المغرب في ذلك الوقت وأكثرها عددا وأشدها قوة وبأسا وأحدها شوكة)التي صارت زوجته وأنجبت مولانا ادريس الأصغر بعد اغتيال أبيه بالسم، وهو باني مدينة فاس الحافلة بمقامه ومقامات أهل الله كسيدي أحمد التجاني وسيدي عبد العزيز الدباغ وكثير سواهما حتى عد بعض العلماء مقامات أشراف فاس وصالحيها بالآلاف.
وبما أن فلسطين قد جادت وغزّة هاشم قد حركت شرفاءها الغيرة، وآل الإمام الحسين قد توجوني بتاج تكريمهم، فإن أبناء عمومتهم أدارسة المغرب لا يقلون كرما وكرامة وغيرة، وقد تشرفت بشهادة غالية وتاج نفيس من أبناء عمي أحفاد جدنا مولاي إدريس، ومن الرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة وأبناء عمومتهم بالمملكة المغربية حفظها الله، ومن رئيس الرابطة ومدير مجلة آل البيت الصادرة عنها، السيد عبد السلام بنرحال القرني السرغيني الإدريسي، وبنفحة محبة وغيرة شريف من السيد وليد الإدريسي حمدوش الشريف الادريسي المقيم ببلاد روسيا والذي هو بحق نعم الأخ ونعم المحب ونعم السند.
وهذه الشهادة الغالية تاج على رأسي ووسام أضعه على صدري، ومعلوم أن السادة الأدارسة كان لهم عظيم الأثر في خدمة الإسلام والمسلمين، علما وعملا، وكان منهم العارفون والصالحون والعلماء والملوك والامراء والمجاهدون، فمن صالحيهم الكبار سيدي عبد السلام بن مشيش وتلميذه سيدي أبو الحسن الشاذلي، وسيدي أبي سعيد الباجي الشريف، وسيدي احمد زروق، وسيدي عبد السلام الأسمر الفيتوري، والمجاهد البطل سيدي عمر المختار، وكثير سواهم.
ومعظم أولياء الله بتونس إن لم يكونوا جميعا من السادة الأشراف الأدارسة ومنهم أهل العلم والفضل كآل بن عاشور وآل جعيط وآل النيفر وآل النوري (من بينهم سيدي علي النوري الصفاقسي) وأحفاد سيدي عبد الله الشريف دفين الحاضرة الذي انتقل أحفاده إلى أرض ورغمة في جنوب تونس (مثل الولي الصالح سيدي مخلوف والولي الصالح سيدي عبد الله بوجليدة) وآل مهذب وجدهم سيدي مهذّب الشريف، وسواهم كثير في كامل مدن البلاد التونسية، مع نسبة من السادة الحسينيين كآل المحجوب (منهم سيدي عمر المحجوب صاحب الرد الصاعق على الضال النجدي، ووالده، وشيخ والده سيدي علي بن خليفة المساكني حسيني أيضا) وبقية العائلات الشريفة بمساكن الأشراف، وآل سعادة الحسينيون ومنهم العلامة الشيخ محمد الكامل سعادة.
وأنسابهم معلومة محفوظة في كتب كثيرة ذكرها ابن أبي الضياف في كتاب الاتحاف وكتب أخرى، وهنالك وثائق لدى حفظة الأنساب ونقباء الأشراف بتونس، رغم ما تم من إغلاق وحرب عليها أواخر الخمسينات وبداية الستينات، وكذلك السماح بانتحال لقب الشريف وغيرها من الألقاب لمن ليس لهم صلة بالسادة الأشراف سنة 1961، ولكن ذلك لن يغير من الشجرة الشريفة شيئا.
وإن كلامنا هذا ليس من باب العلو على الناس كما قد يتوهم بعض ناقصي الفهم والدين، بل محبة واحتراما لرسول الله وآل بيته الذين أمرنا الله وروسوله بحبهم وجعل المحبة لهم دليلا على الإيمان وبغضهم دليلا قاطعا على النفاق، والنسب موصول كما قال أبو البتول المصطفى الرسول: إن الله جعل كل نسب مقطوعا، وجعل نسبي موصولا إلى يوم القيامة، وأوصى بمحبة الله وروسوله وآل بيته في سلسلة متصلة لا تنفصل أبدا، والفاصل بينها جاحد للفضل ضال عن السبيل داخل في زمرة النفاق وأهله، فقال عليه الصلاة والسلام: “أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي “.
فالحمد لله على نعمة النسب والنسبة، والانتساب إلى دوحة آل بيت النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وابنته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء والإمام الكرار علي بن أبي طالب عليهما السلام، وإلى شجرة الأشراف الأدارسة (الحسنيون والحسينيون لاجتماع شرف النسب للسبطين الحسن والحسين عليهما السلام لجدنا وجدهم مولانا عبد الله الكامل أو المحض، ولذلك سمي كاملا ومحضا، ومقامه في ذي قار بالعراق)، وبالانتساب إلى أرض المغرب الكبير التي ورد في شرفها وشرف أهلها ومكانتهم قوله صلى الله عليه وسلم: ” لا يَزَالُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ”. ولأرض الزيتونة ومدرستها العظيمة سندها السُّنِّي السَّنيّ (في عقد الأشعري وفقه مالك…وفي طريقة الجنيد السالك)، والتي ورد في فضلها أحاديث كثيرة، وكلمات عظيمة كقول الإمام مالك إمام مدرستنا الفقهية، لسيدي علي بن زياد مؤسس الزيتونة (اعلم يا بني أن افريقية هي القبلة الرابعة بالاعتبار)، وللتصوف الحق وأهل الله ورايتهم المرفوعة الخفاقة في العالمين إلى أبد الآبدين، مع صدق الحب والولاء لآل بيت المصطفى والذود عنهم والتذكير بواجب محبتهم ومدحهم نثرا وشعرا، فذلك عهد نلقى عليه الله ونقف به بين يديه وفي مقام نبيه صاحب المقام المحمود.