كتاب رحلة في عقل إرهابي (3) : الفصل الثاني: نظم العقل ومسارات الفعل (1)

2 دقائق للقراءة

ليس العقل الإرهابي عقلا معزولا، بل هو في منظومة محدّدة، وهو في هذا لا يختلف عن العقل عامة فلكل عقل منظومة يندرج فيها، لكن ما يميّزه انغلاق منظومته ونزوعها للسريّة،كما أن نُظمه أكثر تعقيدا في تمازج مع النفسي والروحي والعاطفي والاجتماعي والبرمجي. أما الفعل الإرهابي فله مسارات محدّدة يمكن تتبعها وتقصي خلفياتها وأبعادها ومآلاتها.

ضمن منظومة العقل الإرهابي ونظمه لابد من النظر في تقسيمات نوعية للعقل الإرهابي هي أساس المنظومة وجوهر النّظم، وهي في اعتقادي ضمن محورين الأول بين تنظيمي ومرضي والثانية بين مُبرمِج ومبرمَج.

1/العقل الإرهابي التنظيمي: وهو ما يكون ضمن فعل إرهابي مدروس خلفه خطط ومخطّطون وعقيدة فاسدة ولو قام به فرد واحد فمن المحال أن يتصرّف دون وجود من برمجه وأعز له ودفعه وسمّم فكره ولوّث عقله ونفسه.

2/العقل الإرهابي المرضيّ: يوجد في كل المجتمعات والعصور عقل إرهابي مرضي أو عرضي، بمعنى أن نفوسا مريضة ما يمكنها أن تتخذ بعدا إجراميا يصل إلى الإرهاب الذي يحمل معاني القتل والترويع والتشفي. ويكون ذلك بأثر ذاتي نفسي مريض، أو نفسي من صدمة أو مرض، أو روحي من حالات من فقدان الإنسانية والنزوع للشيطانية. أو خارجي بتأثرّ بقاتل أو أثر فساد مجتمع وانهيار قيم وفقدان قيمة وغياب معنى. ولكن كل هذه العقول لا شك مرّت بتمشٍّ مطابق لما سأبيّنه ولو كان المفعّل باطنيا وذاتيا مع عوامل خارجية لكنها لا شك تأثرت بمجرم معيّن أو بأفكار محددة مع سلسلة تتابعية مع الأحداث والمؤثرات التي حولت النفس والعقل والذات ككل إلى تلك الصبغة اللاإنسانية والدموية المتوحشة ضمن بعد الإضمار والتخفي – مثل القاتل المتسلسل – أو الإظهار والتشفي – مثل مجانين الطغاة -.
ولكن فيما يخص رحلتي هذه في العقل الإرهابي فإني أخصصها للتنظيمي منه، والذي ينخرط في نظم عنقودية لها مخطِّط ومخطّط ربما لا يعلم العقل الضحية منها إلا أوهاما زُيّنت له وزرعت فيه لتكون عنده أشد الحقائق يقينا وأجلى المسائل وضوحا. إلا أني على يقين أن كل عقل إرهابي إنما هو عقل مريض مختل في نفس فاسدة حاقدة وروح سيطرت عليها الظلمات وقلب لم يجد النور إليه سبيلا.

منشورات ذات صلة

في فن الاستباق الدكتور مازن الشريف خبير في الاستراتيجيات الامنية والعسكرية ومكافحة الارهاب خبير في علم الاستشراف والمستقبليات. رئيس المنظمة الدولية للامن الشامل
يمثل الفن عصارة الرقي البشري والاتقان الانساني في كل مجالات الحياة، فكلما بلغ العمل مستوى الابداع والعبقرية والاتقان تحول من فعل عادي إلى فن:...
3 دقائق للقراءة
كتاب رحلة في عقل إرهابي (31) : الفصل الخامس: الملحق: شرح مصفوفة النظرية العامة
بعد شروحات كثيرة من منظورات مختلفة لنظريتي الثلاثية (التنظير، التكفير، التفجير) والتي تحققت مراحلها وثبتت دقتها، فإني سأشرح نظريتي العامة ضمن مصفوفة تحتوي النظرية...
5 دقائق للقراءة
الأمن الثقافي المعنى وحتمية الحاجة
مقدّمة: مثَّل الأمن جوهرا إنسانيا حضاريا منذ بدايات اجتماع البشر في قبائل ثم مدن وصولا إلى الدول، بل إن له قيمة حتى في التكوينات...
11 دقائق للقراءة
كتاب رحلة في عقل إرهابي (29) : الفصل الخامس: الملحق: وباء الوهابية
*نُشرت في عدد من الصحف كالتي في الصورة. قبل سنة 2007، لم أكن أعرف شيئا عن الوهابية، ككل الشباب من جيلي، لم نكن نسمع...
6 دقائق للقراءة
كتاب رحلة في عقل إرهابي (30) : الفصل الخامس: الملحق: (التنظير، التكفير، التفجير) نظر في مراحل الإرهاب وتمشّيه
كنت في بحوثي ضمن علم المنطق والفلسفة وعلم الأخلاق أجد مشاكل اصطلاحية دعتني لدراسة معمقة في علم المصطلح والمفهوم وهو علم خطير لا تعرف...
12 دقائق للقراءة
كتاب رحلة في عقل إرهابي (28) : الفصل الخامس: الملحق
يحتوي هذا الملحق على دراسات اخترتها بعناية، أولها حول وباء الوهابية ونظريتي “التنظير، التكفير، التفجير”، ثم تفسير لتلك النظرية عبر آليات علم الاجتماع، وهذه...
2 دقائق للقراءة
كتاب رحلة في عقل إرهابي (27) : خاتمة
ليس الإرهاب مقاتلا يحمل بندقية أو انتحاريا يفجّر نفسه فقط، فتلك خلاصة التمشي الذي بدأه عقل مدبّر ووقع فيه عقل مدمَّر تمت السيطرة عليه...
3 دقائق للقراءة
كتاب رحلة في عقل إرهابي (26) : الفصل الرابع: الأبعاد والمنطلقات: البعد الاستراتيجي
هو بعد معقد جدا، وهو أعقد الأبعاد وأكثرها تخللا للتمشيات، لأن الإرهاب استراتيجيا، وله استراتيجيات داخلية، تصب كلها في مصالح معينة تستخدم بيادقها لتخرب...
2 دقائق للقراءة
كتاب رحلة في عقل إرهابي (25) : الفصل الرابع: الأبعاد والمنطلقات: البعد الدولي
ليس الإرهاب حركة معزولة، بل هو نظام كامل، وشبكة معقدة، وعبر التاريخ كله لم يكن منفصلا أبدا عن مطامح ملك في مملكة يريد أن...
< 1 دقيقة للقراءة
كتاب رحلة في عقل إرهابي (24) : الفصل الرابع: الأبعاد والمنطلقات: البعد الاقتصادي
هو بين متناقضين: حالات من الفقر المدقع التي تضغط على النفس وتمثل مجالا تنشط فيه التمشيات التي تستهدف العقل الإرهابي. وحالات من الرفاه المتخم...
2 دقائق للقراءة