عن برنامج “الرؤية الكونية”

3 دقائق للقراءة

برنامج “الرؤية الكونية” الذي يتم بثه الآن على قناة كربلاء الفضائية تم تصويره منذ أكثر من عام. وللرؤية الكونية قيمة فلسفية ودينية وإنسانية كبيرة خاصة في الفترة الحالية التي كثر فيها المرجفون والناطقون باسم الانسانية والحرية والفلسفة والفكر والعلم. وقد أحببت أن أقدم رؤيتي التي صغتها في عدد من كتبي ومقالاتي، ضمن رد مباشر على ما أعتبره الخطر الداهم على البشرية عامة وعلى العالم العربي والاسلامي خاصة: (الإلحاد).

ضمن تفعيل ردات الفعل لما بعد الارهاب والتكفير والخزعبلات التي روج لها مشعوذون يستحوذون زورا على الكلام باسم الدين والنبي والإله فدفعوا الشباب دفعا نحوه، كما يستخدم المنظرون والدعاة له نقاط ضعف أخرى مثل الدس في الكتب القديمة (من سنة  ملفقة مكذوبة على نبي الرحمة وفقه دموي يغذي الحركات الارهابية باستمرار).

وكذلك التردي الحضاري والعلمي للأمة الاسلامية في جميع المستويات، رغم وجود نقاط مضيئة لكنها سرعان ما تنحجب أمام دخان التكفير والتفجير والفوضى والتخلف.

ثم إن هؤلاء المنظرون استخدموا كل اكتشافات العلم الحديث والمعاصر لتحويل وجهتها نحو الالحاد من خلال غطاء فلسفي وضعي، وتركيز على التطور الدارويني والعلوم الكونية، وعلى رأسهم من أطلقوا عليهم فرسان الإلحادالأربعة (في تحويل لنبوءة فرسان القيامة الأربعة في المسيحية ) وهم كل من تشارلز دوكنز(عالم البيولوجيا)، دانيال دينيت، سام هاريس، وكريستوفر هيتشنز. ويضاف إليهم عالم الفيزياء الكونية الشهير ستيفن هوكينغ الذي دخل نادي الالحاد في أواخر سنوات حياته.

ولذلك كان البرنامج كله ردا على الملاحدة بأسلوب مبسط هادئ، ضمن أبواب محددة بدقة. وهو استمرار لكتابي “الالحاد بين الحقيقة والوهم”، في ثلاثين حلقة مدة كل واحدة ربع ساعة تقريبا.

لقد تم عرض الفكرة وحظيت بالقبول، وتم التصوير مع فريق عمل رائع في كربلاء الشهادة والإيمان، حيث جسد الإمام الحسين قمة الإيمان في قمة البلاء، وفي عراق الحضارة والتاريخ ومهد العلوم خاصة العلوم الكونية التي برع فيها السومريون بشكل اذهل كبار علماء الكونيات اليوم.

جزيل الشكر لكل من ساهم في ظهور هذا البرنامج منذ الفكرة الأولية إلى التنفيذ فالبث، وأخص بالشكر الشيخ عبد المهدي الكربلائي والعتبة الحسينية، والسيد حيدر خلوجان مدير قناة كربلاء. والمخرج ياسر الياسري وكل فريق البرنامج الطيبين الرائعين. وشكرا لقناة كربلاء والمشرفين عليها والعاملين فيها.

 

إنه درس عظيم يقدمونه من العراق الحبيب ومن كربلاء العظيمة بمن فيها من ذرية رسول الرحمة والايمان والعلم، الذين قدموا أرواحهم لأجل التوحيد الحق والإيمان الخالص في مشهد عظيم لا مثيل له. درس في الرقي والمحبة والغيرة على الدين. درس في رحابة الصدر وسعة الأفق، حيث منحوا منبرهم وإمكانياتهم لعالم من أهل التصوف السني كي يقول ما أراد دون تدخل أو حذف أو إملاء أو غاية مذهبية ضيقة، بل خدمة للحقيقة والإسلام ودفاعا عن الأجيال المستهدفة بهذا الوباء الفكري والقلبي سنة وشيعة بل هو يستهدف كل أصحاب الديانات لنشر العقم والكفر والعمى الروحي وما ينتج عن ذلك من سقوط للقيم وفعل لكل الموبقات خاصة الشذوذ وغير ذلك طالما تم نزع مهابة الله من القلوب والتحيل على العقول بخُدع توهمهم أن الكون تولَّد من العدم صدفة وتطور صدفة وأن الانسان قرد تطور صدفة وأن لا شيء سوى العدم والفوضى والعشوائية ولا قيامة ولا حساب ولا جنة ولا نار. إنه العدم فقط.

هي محاولة صادقة نسأل الله التوفيق فيها. وسنستمر في نهج الحق، نهج المحبة، نهج الحوار والتواصل الذي يتجاوز الأطر الضيقة إلى جامع إسلامي يوحد الصفوف على اختلاف المذاهب، وجامع إيماني يوحد صفوف أهل الإيمان من جميع الأديان، وجامع إنساني يربط الإنسان بالانسان رغم كل الاختلافات، من أجل مواجهة كل هذا الشر والقبح الذي يمزق الانسانية بالتكفير والتفجير حينا وبالتزوير والتعهير أحيانا. وهو الواجب على كل عاقل يعي مخاطر المرحلة ويستشرف ما بعدها.

 

سوسة 22/12/2019