وقت وميقات، وحكمة حياة

2 دقائق للقراءة

كل مرة يفجؤني موت أخ هنا أو هناك، بعضهم التقيتهم والبعض تلاقينا فكرا وروحا فقط، وسواء كانت عشرة أعوام أو صحبة ايام، فالنتيجة واحدة، لخصها الإمام علي عليه السلام بعد أن ودع الزهراء وهو يضم قبرها الشريف:
لكل لقاء بين خلّين فرقة
وكل الذي دون الفراق قليلُ
وتنتابني الحيرة عن هذا الموت وعن هذه الحياة: ما هذه القوة في الحياة التي تقنعك بها أنها لا تزول؟
وما هذه القوة في الموت التي يمحو بها أثر إنسان، ويتبعه في ذاكرة أحبابه فينسونه، وكأنه لم يكن.
وينبثق من ذلك سؤال آخر: أية قوة لدى هؤلاء العظماء الذين انتصروا على الموت وخلدتهم الحياة ولم يُمح اثرهم؟.
وكيف السبيل إلى ان نكون أمثالهم؟
إن الحياة الدنيا مرحلة، والموت تغيير للمحطة، تبديل للدار، باب لا رجوع منه إلى ما سبق، ولا مناص عنه.
ولكن الحياة تعني الكثير إن كانت الوجهة صحيحة، وإن فهمنا أن كل لحظة وثانية ودقيقة وساعة ويوم هدية عظيمة من صاحب الميقات، وأن كل ما نمتلك من الوقت قليل من عمر الزمن، كثير من عمر الوقت نفسه، الذي يتجزء إلى ذرات من الثواني تكون فيها الدقيقة دهرا والثانية شهرا.
وأنها لخسارة كبيرة أن تضيع الأيام في الأوهام، وأن نتسابق كل يوم لقتل الوقت، وإضاعة الساعات، دون فهم، ولا وعي، ولا مكابدة سعي،ولا حركة نحو الأفضل، وسمو نحو الأرقى، مهما كان الوضع عسيرا، ومهما كانت الحياة قاسية، أو ربما رمت صاحبها في دوامة الملذات ومتاهة الشهوات، فلا يبقى له عقل ولا قلب، سوى نفس تسعى به للهلاك.
عسى ندرك قبل فوات الأوان قيمة الحياة ومعنى كل نفَس، فإن الأنفاس محسوبة، وإن الأيام
معدودة، وإن إلى ربنا الرجعى، وإليه المصير.

سوسة
14 جانفي 2019 23:48