نقطة نظام

2 دقائق للقراءة


١/ الاستاذ قيس سعيد لا أعرفه بشكل شخصي، لكني أتقاطع معه في نقاط كثيرة، فأنا ضد قانون المساواة في الميراث لأنه تفتيت للمجتمع وموقفي من هذا واضح في مقالات سابقة. وأنا مع تجريم الشذوذ لأنه مرض فتاك بالمجتمعات. ومع تنفيذ حكم الإعدام على من يستحقونه لأن في ذلك حماية للمجتمع وكبحا لجماح المجرمين. وأنا ارى رأيه في التطبيع وأنه خيانة دولة.
وليس كل من يقف هذا الموقف “اخواني سلفي داعشي”.
لذلك يجب التعقل وعدم الانجراف خلف العداوة المجانية لمن يرونه خطرا على منهجهم الفكري والاجتماعي.
لكن أحتاج إلى معرفة الاوراق الخفية: هل كان هنالك أدوار لجهات إيديولوجية معينة في انتصاره وما الاتفاق والغاية من ذلك؟
وما هو برنامجه في صورة فوزه، وموقفه من قضايا مفصلية مثل زرع الارهاب في تونس وشبكات التسفير والعلاقة مع سوريا ومع ليبيا، والموقف من صراع المحاور، والرؤية للامن القومي والديبلوماسية، وهي نقاط نرجو منه تحديدها بوضوح .
وبالرغم من كل ما يقوله خصومه والرافضون لفوزه الآن، فإني اعتقد ان نسبة كبيرة ممن صوتوا له شباب لديهم رغبة في التغيير وفي معاقبة المنظومة السائدة كأحزاب وسياسيين وحكومة. وهي صفعة موجعة ورجة عنيفة ومربكة لهم جميعا ولحلفائهم في العالم.

٢/ أعرف السيد نبيل القروي منذ سنوات، وتكونت بيننا صداقة مبنية على الاحترام. وقد اطلعني منذ فترة قريبة على مشروعه الاجتماعي (خليل تونس) بالتفصيل، وكذلك مشروعه السياسي ضمن ما أسماه “ثورة الصندوق” أيام قليلة قبل الاعلان عن حزب “قلب تونس، وكذلك رؤيته لاصلاح الادارة، ونظرته للكثير من المسائل، واستمع باهتام لآرائي ومواقفي منها.
ومشروع خليل تونس لامس زوايا في المجتمع التونسي تخلت عنها الدولة ولم تعرها الحكومات (خاصة الاخيرة) بالا ولا اهتماما.
كان بالإمكان منافسته في ذلك، حيث أن لدى الحكومة إمكانيات أكبر، ورجال الأعمال الذين دعموا الحملات الانتخابية تحت الضغط أو طمعا في مكسب ومنصب لديهم أموال طائلة، فلماذا لم يحرك أحد منهم ساكنا لسنوات، وتركوا ذلك المجال مفتوحا للمشروع الذي أطلقه نبيل القروي مع قناة نسمة.
تأثير ذلك سياسيا وانتخابيا أمر طبيعي مهما كان الموقف منه، فالذين وجدوا من يساعدهم في دولة نسيتهم سيفعلون ما يرونه مناسبا لتفاعلاتهم النفسية والاجتماعية وهو حقهم مهما اختلفت النظرة إلى ذلك، ومن حق المختلفين معه النقد والتوعية المنهجية الواقعية الهادئة، ولكن من غير المقبول الاستهزاء او الحكم على من انتخبه انهم مجرد جياع جهلة وعجائز، فهم من أبناء هذا الوطن ولهم فيه حقوق متساوية مع المثقفين والأثرياء وأصحاب الوعي السياسي الرفيع (بزعمهم). كما أن الذين ساهموا معه بأموالهم في ذلك العمل الذي استمر لسنوات اكثر ايمانا برؤيته السياسية الاجتماعية من الذين استفادوا بعد ان ضاقت بهم السبل.
المسائل الكيدية يسهل تمييزها لمن فكر خارج التعنت والنقمة وضيق الافق. وسجنه كيد سياسي غبي لا اكثر، ومن فعلوا ذلك فشلوا في تحقيق أي شيء.

لذلك فمن أراد انتخاب أحدهما فليفعل دون تخوين ولا سخرية ولا نقمة، ونرجو للفائز التوفيق في تنفيذ برنامج استراتيجي قوي وفعّال للمساهمة مع الحكومة في إنقاذ البلاد التي تحتاج إلى إجراءات ناجعة على جميع الأصعدة لعلها تشفى من الأمراض التي أصيبت بها منذ 2011، ومن أمراض أخرى مزمنة تمتد إلى ما بعد 1956، حين تم الاعلان عن استقلال لم يكتمل إلى اليوم.